أصل هذا الكتاب هي رسالة بعنوان استدلال الأصوليين باللغة العربية درساة تأصيلية تطبيقية تقدم بها المؤلف لينال درجة الماجستير قسم المؤلف الرسالة إلى تمهيد وبابين وخاتمة .أما التمهيد فقد احتوى على ثلاثة مباحث :أما المبحث الأول فشرحح فيه مفردات عنوان الرسالة .وأما المبحث الثاني فقد كان لبيان الصلة بين علم أصول الفقه وعلم اللغة العربية ، وقد بين فيه الصلة الوثيقة بين ذينك العلمين ، وذكر أن المباحث اللغوية في علم أصول الفقه على نوعين : مباحث لغوية بحثها اللغويون واستفاد منهم الأصوليون ، ومباحث لغوية انفرد الأصوليون ببحثها ، واستفاد منهم اللغويون ، وفند في هذا المبحث القول بأن الأصوليين عالة على اللغويين في مباحث اللغة كلها.وفي المبحث الثالث ذكر أن القواعد الأصولية من حيث مداركها تنقسم إلى خمسة أقسام : قواعد شرعية ، وقواعد لغوية ، وقواعد عقلية ، وقواعد شرعية لغوية ، وقواعد عقلية ولغوية . وذكر أن بحثه هو عن القواعد ذات المدرك اللغوي فقط .أما الباب الأول فقد احتوى على ثلاثة فصول :أما الفصل الأول فقد كان لبيان حجية اللغة العربية في إثبات القواعد الأصولية ، وذكر فيه أن اللغة العربية حجة في إثبات القواعد الأصولية ذات المدرك اللغوي بإجماع الأصوليين ، وذلك لأن القرآن والسنة جاءا وفق لسان العرب .وبين في الفصل الثاني مرتبة دليل اللغة من الأدلة ، وذكر فيه أن القواعد الأصولية قسمان ، فقسم ليس مدركه لغويا ، ودليل اللغة العريبة في هذا القسم مطرح ولا يصلح لإثبات أمثال تلك القواعد ، وقسم من القواعد مدركه لغوي ، وذكر فيه أن هذا القسم من القواعد يُثبَت في كتب الأصول بثلاثة أنواع من الأدلة : الأول : العقل ، الثاني : الفروع الفقهية ، الثالث : اللغة . وبين أن الأصوليين اتفقوا على عدم جواز إثبات القواعد اللغوية بالعقل ، واختلفوا في إثباتها بالفروع ورجح عدم الجواز ، وأجمعوا على أنها تثبت باللغة .وبين في الفصل الثالث ضوابط إثبات القواعد الأصولية باللغة العربية ، وقد تبين له وجود خمسة ضوابط ، هي: أن تكون اللغة ثابتة بالنقل عن العرب، وذكر في هذا الضابط ضوابط النقل المقبول وأن معايير قبول اللغة تختلف عن معايير قبول السنة ، كما بين فيه أن من ضوابط النقل المقبول أن يكون في عصر الاحتجاج المقارب لعصر النبوة ، وذلك لاختلاف دلالات الألفاظ من عصر لعصر . ثم ذكر أقسام اللغة من حيث الثبوت : لغة ثابتة بالتواتر ، وبين وجودها، وضعف القول بعدم وجودها ، ولغة ثابتة بالآحاد .ثم أعقب ذلك بذكر أقسام النقل من حيث الدلالة ، وذكر أنه ينقسم إلى قسمين : نقل صريح ، وبين عدم وجود أمثال هذا النقل عن العرب في مباحث الأصول ، ونقل غير صريح ، وذكر أن مثل هذا النقل هو الطريق للوصول لمدلولات الألفاظ عند العرب .ثم أعقب ذلك بالكلام حول الضابط الثاني ، وهو : أن يكون المنقول حقيقة في معناه ، وأما إن كان المنقول مجازا فلا تثبت القاعدة به .ثم أعقب ذلك بالكلام حول الضابط الثالث ، وهو : أن يكون المنقول قطعي الثبوت ، وبين الخلاف في هذا الضابط ورجح صحته ، إلا أنه لا يشترط أن يستفاد القطع من آحاد الأدلة ، ولكن يتحقق وجود مثل هذا الضابط ولو بالنظر إلى مجموع الأدلة اللغوية .ثم أعقب ذلك بالكلام حول مانعين يمنعان من العمل بمقتضى الحقيقة اللغوية ، وهما العرف اللغوي ، والاعتبار الشرعي ، وبين معناهما وذكر أن اطراح العمل بالوضع من أجل هذين المانعين هو ما عليه إجماع أهل الأصول بالنظر إلى تطبيقاتهم . وبين ضوابط اطراح العمل بمقتضى الوضع لأجل العرف اللغوي والاعتبار الشرعي ، وذكر قول بعض العلماء بأن كثيرا من أنواع الضلالات والبدع التي وقعت في الشريعة راجعة إلى عدم مراعاة الاعتبار الشرعي الذي به يحصل اطراح العمل بمقتضى الوضع اللغوي بالكلية .ثم ذكر طرق معرفة الاعتبار الشرعي وبين أنها متنوعة منها ما هو واضح يدرك بالنص الشرعي الصريح ، ومنها ما يدرك بالاستقراء الناقص لخطابات الشارع ، ومنها ما يدرك بالنظر إلى مقاصد الشريعة وأصولها العامة ، وذكر أن العرف اللغوي يدركه العرب مسلمين أو كفارا ، بخلاف الاعتبار الشرعي فإن إدراكه خاص بأهل العلم الشرعي ممن نضّى وقته في تفهّم الشريعة وإدراك أسرارها .أما الفصل الثالث فقد كان البحث فيه عن أنواع استدلال الأصوليين باللغة العربية ، وقد احتوى هذا الفصل على مبحثين : أما الأول فقد كان البحث فيه عن أنواع استدلال الأصوليين باللغة العربية من حيث ثبوتها ، وذكر فيه أحد عشر نوعا جاءت في كتب الأصوليين .أما النوع الأول فهو الاستدلال بالقرآن ، وبين أن هذا الاستدلال جاء في كلام الأصوليين لأغراض : أحدها : الاستدلال بالقرآن بوصفه كلاما عربيا ، وذكرت أن الاستدلال بالقرآن بهذا الوصف يعد أقوى أنواع الاستدلال باللغة من حيث الثبوت .ثم أعقب ذلك بالنوع الثاني وهو الاستدلال بالسنة ، وكان الكلام فيه مقاربا للكلام الذي قيل في النوع الأول .ثم أعقب ذلك بذكر النوع الثالث وهو الاستدلال بالإجماع ، وبين أن الإجماع المستعمل لإثبات القواعد الأصولية أربعة أنواع : إجماع الصحابة ، إجماع العرب ، إجماع أئمة اللغة ، إجماع الفقهاء .وبين صلاحية الثلاثة الأُوَل لإثبات القاعدة الأصولية ذات المدرك اللغوي، وذكرت أمثلة على كل نوع والاعتراضات التي توجه عادة لأمثال تلك الإجماعات والأجوبة عليها . وأما الرابع وهو إجماع الفقهاء فقد ضعفت الاستناد إليه في إثبات القاعدة الأصولية .ثم أعقب ذلك بالكلام حول النوع الرابع ، وهو الاستدلال بالشعر ، وذكر طبقات الشعراء، وبين الطبقات الذين يحتج بشعرهم والذين لا يحتج بشعرهم .ثم أعقب ذلك بالكلام حول النوع الخامس وهو الاستدلال بالنثر ، وذكر أن من أفراده الاستدلال بالأمثال العربية وبأقوال الصحابة رضوان الله عليهم .وبعده النوع السادس وهو الاستدلال بالعرف اللغوي ، وذكر أن هذا العرف غير العرف المذكور في ضوابط إثبات اللغة .ثم أعقب ذلك بذكر النوع السابع ، وهو الاستدلال بأقوال أئمة اللغة ، وذكر حجيتها وبينت لزوم الجمع بين أقوال اللغويين والأصوليين في حال وجود التعارض بين أقوالهم .ثم أعقب ذلك بالنوع الثامن ، وهو الاستدلال بما يسبق إلى الفهم , وبين أنه ينقسم إلى أقسام ، فمنه الاستدلال بما يسبق إلى فهم العرب ، والاستدلال بما يسبق إلى ذهن الممارس للغة العرب ، وذكرت أن هذا النوع من الاستدلال لا يقوم بمفرده ما لم يؤيد بالأدلة الدالة على أن العرب كان يسبق إلى فهمهم معنى ما من إطلاق لفظ معين .ثم ذكر النوع التاسع ، وهو الاستدلال بالضرورة ، وبين أنه لا يقوم بمفرده كذلك .ثم ذكر النوع العاشر وهو الاستدلال بالقياس وبين أنه دليل عقلي لا يصلح لإثبات القاعدة الأصولية استقلالا.ثم أعقب ذلك بذكر النوع الحادي عشر ، وهو الاستدلال بالاستقراء ، وذكرت أنه يدخل فيه جميع الأنواع .وفي المبحث الثاني ذكر المعايير التي إذا وجدت في الدليل اللغوي كان قويا، مثل وجود القطعية في الدليل وهي إما أن تكون قطعية ثبوت أو قطعية دلالة ، ومنها الاتفاق على الأخذ بالدليل اللغوي .وفي المبحث الثالث ذكر أنواع استدلال الأصوليين باللغة من حيث الاستقلال وعدمه وبين المراد بالاستقلال وهو عدم ضم الدليل اللغوي إلى دليل آخر عند إثبات القاعدة ، والنوع الآخر هو ضم الدليل اللغوي إلى دليل العقل ، وذكر أن مثل هذا النوع هو الموجود في كتب الأصوليين لإثبات القاعدة الأصولية ؛ لأن نقل مدلولات الألفاظ عن العرب نقلا صريحا معدوم، فلم يكن هنالك من وسيلة للوصول إلى مدلولات الألفاظ عند العرب إلا بإعمال العقل في المنقولات .أمَّا الباب الثاني: فكان عن تطبيقات الاستدلال باللُّغة العربيَّة على القواعِد الأصوليَّة، وقدِ جمَع فيه المؤلِّف جُلَّ ما وقَف عليه من القواعد الأصوليَّة المُستدَلِّ بها باللُّغة العربيَّة، مناقشًا تلك الأدلَّة، ومبيِّنًا القول الرَّاجح لديه في معظمِها، وجاء هذا الباب في ثمانية فصول:الفصل الأوَّل: كان عن القواعد المستدَلِّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحث الحُكم الشرعي، وهذه القواعد هي: الأمْر بواحد لا بعينه. والنهي عن واحد لا بعينه. ومسألة: هل الندب أمر حقيقة أم لا؟ مرجِّحًا القول بأنَّ الندب أمرٌ حقيقة؛ لقوة أدلَّته. كما تحدَّث عن مسألة: هل المباح مأمور به أم لا؟ مرجِّحًا أنَّ المباح غير مأمور به.والفصل الثاني: تحدَّث فيه عن القواعِد الأصوليَّة المستدَلِّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحِث الأدلَّة، فتحدَّث عن صِيغة الخبر، وتحدَّث عن اسم الخبر، وفي أيِّ الأمور يكون حقيقةً. وعلى مَن يُطلق اسمُ الصَّحابي.والفصل الثالث: عن القواعد الأصوليَّة المستدَلِّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحث الأمر، وفيه تحدَّث عن صيغة الأمْر، وعن اشتراط العُلوِّ والاستعلاء في الأمر، واشتراط الإرادة في الأمر، كذلك تحدَّث عن دَلالة صِيغة الأمر على الوجوب، وعن مسألة الأمْر بعد الحظر، وعن لفْظ الأمْر (أَمَر) حقيقةً في ماذا؟ مستظهرًا أنَّ لفظ الأمر مشترَك لفظيٌّ بين الفِعل والشأن والطريقة ونحو ذلك. وتحدَّث أيضًا عن دَلالة صِيغة الأمر على الفور، ودَلالتها على التَّكرار. وعن الأمر المعلَّق على شَرْط ودَلالته على التَّكرار. وعن الأمر بالأمْر بالشيء. وأيضًا تحدَّث عن الأمرينِ المتعاقبَينِ بلا عطف، وعن الأمرين المتعاقبَينِ بحرْف عَطْف. وأخيرًا تحدَّث عن مسألة: الأمر بالشَّيء نهيٌ عن ضدِّه.والفصل الرَّابع: كان للحديث عن القواعد الأصوليَّة المستدَلِّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحث النهي. وتناول فيه: صِيغة النهي، ودَلالتها على التحريم، وتحدَّث عن مسألة: النهي بَعد الأمر، وعن دَلالة النهي على التَّكرار. وعن النَّهي عن الشَّيء؛ هل هو أمرٌ بضدِّه؟ مرجِّحًا رأي الجمهور: أنَّ النهي عن الشَّيء أمْرٌ بضدِّه التزامًا.الفصل الخامس: تناول فيه القواعدَ الأصوليَّة المستدَلَّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحث العُموم، وتناول فيه كثيرًا من المسائل، فتحدَّث عن صِيغة العموم، ودَلالة كلٍّ مِن الصِّيغ الآتية على العموم: (كل) و(جميع)، والاسم المفرد المُحلَّى بالألف واللام، الجَمْع المحلَّى بالألف واللام، وأسماء الشَّرْط والاستفهام، والأسماء الموصولة، والنَّكرة في سِياق النفي، ولفظ (معشر) و(معاشر)، ولفظ (كافَّة)، لفظ (سائر)، ولفظ (قاطبة).كما تَحدَّث في هذا الفصل عن دَلالة (كان) على التَّكرار، وعن عُموم دَلالة الاقتضاء، وعن عموم فِعْله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكذلك عن دَلالة نفْي المساواة، ودَلالة الجمْع المنكَّر على العموم. كما تحدَّث عن أقلِّ الجمع، وعمَّا يُفيده العامُّ إذا قُصِد به المدحُ والذمُّ، وعن دخول الصُّور النادرة في العموم... وغير ذلك.والفصل السَّادس: ذَكَر فيه المؤلِّف القواعدَ الأصوليَّة المستدَلَّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحث التَّخصيص، متحدِّثًا عن تقديم المستثنى على المستثنى منه، وعن الاستثناء من غير الجِنس، واستثناء الأكثر، وعن الاستثناء من النَّفي ومن الإثبات، واتِّصال المستثنى بالمستثنى منه.والفصل السَّابع: كان عن القواعد الأصوليَّة المستدَلِّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحث المُطلَق والمقيَّد. وفيه تحدَّث عن مسألة ما إذا اتَّحد حُكم المطلَق والمقيَّد واختَلَف سببهما؛ فهل يُحمَل المطلَقُ على المقيَّد؟ ومال إلى القول بأنَّ المطلَق يُحمَل على المقيَّد في هذه الحال بدَلالة اللُّغة.والفصل الثامن والأخير: كان للحديث عن القواعدِ الأصوليَّة المستدَلِّ لها باللُّغة العربيَّة في مباحث المنطوق والمفهوم. وفيه تناول مفهوم الموافَقة، ومفهوم المخالَفة.ثم ختَم كتابه بأهمِّ النتائج والمقترَحات، وكان من أهمِّ تلك النتائج: هو عِظم الجهود التي بذَلها الأصوليُّون في خِدمة التراث اللُّغوي. وأنَّ أوَّلَ طريق لِمَن أراد الفَهم عن الله تعالى وعن رسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم هو إتقانُ اللُّغة العربيَّة ومعرفة أسرارها.