يعد هذا الكتاب واسطة العقد بين الكتب المؤلفة في علوم القرآن؛ فقد جمع مصنفه بين الأصالة والمعاصرة، واعتمد على أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن كالإتقان والبرهان. وهناك أسباب دعت المؤلف لتصنيف هذا الكتاب؛ فالسبب الأول هو الرد على شبهات العلمانيين والحداثيين التي طرأت في هذا العصر حول القرآن وعلومه، والسبب الثاني هو الرغبة في تقديم كتاب في هذا الباب يمتاز بحسن العرض وسهولة الأسلوب، أما السبب الثالث فهو حرص المؤلف على الجدة والجدية. وهو يقصد بالجدة "أن هذا العلم ينبغي أن يكون متحركا دائما مع الزمن في سيره" والجدية أنه لم ينقل كل ما كتبه السابقون "على أنه مسلمات لا ينبغي الخروج عليها" ولكنه قبل ورفض وناقش ورجح ووافق وخالف مع إجلاله للعلماء الذين عارضهم والاحترام لهم والتأدب معهم. وخلافا لتقسيم كل من الإتقان والبرهان إلى أنواع فقد رتب المصنف كتابه على ٢٨ فصلا في طبعته الثانية مقسمة ١٤ فصلا في المجلد الأول والبقية في المجلد الثاني، وقد ضمنها عشرين نوعا من أنواع علوم القرآن تقريبا ليس على سبيل الاستقصاء ولكنها أهم الأنواع في رأيه وهي: نزول القرآن ولغته وإعجازه وجمعه وأسباب النزول والمكي والمدني وترتيب آي القرآن وسوره ورسم المصحف والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والأحرف السبعة والقراءات القرآنية والتفسير والمفسرون والوجوه والنظائر ومشكل القرآن وترجمته وعلم المناسبات وأمثال القرآن والقسم فيه وحججه. أما عن طريقة عرض المسائل فيمكن تلخيصها بأنه يذكر الروايات حول المسألة التي يتحدث عنها مع تخريجها، ثم يذكر أهم الأمور التي تستنبط من هذه الروايات، ثم يذكر أقوال العلماء وشراح الحديث في المسألة، ثم يذكر الرأي الذي ترجح لديه في ضوء الأدلة. وللدكتور فضل آراؤه الخاصة في بعض مسائل علوم القرآن كترجيح تنزل واحد للقرآن من السماء الدنيا على قلب النبي، وإنكاره وجود المشترك اللفظي في القرآن، وطعنه في روايات صحيحة السند في أسباب النزول لمخالفتها للسياق ومعارضتها لما هو قطعي.. وغيرها من المسائل الخاصة التي انفرد بها المؤلف. وقد اتسم الكتاب بكثرة المصادر والمراجع التي اعتمد عليها والأمانة العلمية في عزو الأقوال لأصحابها في غالب الأحيان وحرص المؤلف على خلو الكتاب من الآراء الشاذة والضعيفة التي لا دليل عليها.