جامع البيان عن تأويل آي القرآن
ابن جرير الطبري
جامع البيان عن تأويل آي القرآن
نبذة عن الكتاب

أعظم كتب التفسير على الإطلاق دون منازع فهو عمدتها إذ يعد من مفاخر الإسلام التي تعتبر علامة فارقة في تاريخ العلوم. فهو كتاب يرجع إليه العلماء ولا يشبعون مما فيه من التحرير والتدقيق والتحقيق. استخدم الطبري أسلوب الإملاء في تأليف هذا العمل فكان يحرره ثم يمليه على طلابه. كان هذا الأمر يتضمن إلقاء المعلم للمحاضرات أمام طلابه، الذين يقومون بدورهم بقراءة ملاحظاتهم بعد ذلك عليه للتحقق من دقتها. فإذا وافق المعلم عليها، يُسمح للطالب بعد ذلك بنقل النص شفاهةً أو كتابةً. وقد اختصره الطبري في ثلاث آلاف ورقة بعدما كان يريد تأليفه في ثلاثين ألف ورقة ولكن طلابه أبدوا عجزهم عن ذلك. يذكر الآية أو الآيات من القرآن مفتتحا لها بقوله: القول في تأويل قوله تعالى، ثم يفسرها تفسيرا إجماليا، ثم يعقبها بذكر القائلين بكل قول من الأقوال التي أُثرت عن الصحابة والتابعين وهم الأكثر عنده وتابعي التابعين وهو قليل، كل هذا مع الإسناد، مما ينمي عند طالب العلم العناية بأقوال سلف الأمة في تفسير القرآن. ثم يورد بعد ذلك روايات أخرى متفاوتة الدرجة في الثقة والقوة في الآية كلها أو في بعض أجزائها بناءً على خلافٍ في القراءة أو اختلاف في التأويل. ثم يعقِّب على كل ذلك بالترجيح بين الروايات واختيار أولاها بالتقدمة وأحقها بالإيثار، ويذكر أدلته على الترجيح. وهو إذ ينقد أو يرجِّح يردُّ النقد أو الترجيح إلى مقاييس تاريخية من حال رجال السند في القوة والضعف، أو إلى مقاييس علمية وفنية: من الاحتكام إلى اللغة التي نزل بها الكتاب نصوصها وأقوال شعرائها ككتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة مع انتقاده له وكتاب معاني القرآن للفراء، ومن نقد القراءة وتوثيقها أو تضعيفها، ومن رجوع إلى ما تقرر بين العلماء من أصول العقائد، أو أصول الأحكام أو غيرهما من ضروب المعارف التي أحاط بها ابن جرير، وجمع فيها مادة لم تجتمع لكثير من غيره من كبار علماء عصره من كلام العرب وغيره. فيشبع الدلالة مستوعبا كثيرا من كتب المتقدمين، ثم ينتقل إلى آية أخرى فينهج نفس النهج: عارضًا ثم ناقدًا ثم مرجِّحًا. وتفسير الطبري من التفاسير النادرة التي جمعت بين التفسير بالمأثور وبالرأي معا فهو لم يقتصر على ذكر الأسانيد فحسب كتفسير ابن أبي حاتم أو الدر المنثور للسيوطي، فإضافة إلى اعتنائه بالآثار فإنه يعد أروع الكتب في الرأي والاجتهاد من حيث التصحيح والتضعيف والترجيح. لذا لو يُستخرج فقط غريب القرآن واستشهاداته عليه من لغة العرب من تفسير الطبري لكان كتابا من أروع كتب غريب القرآن، وقد حاول ذلك الشيخ عبد الرحمن عميرة في كتابه دقائق لغة القرآن من خلال تفسير الطبري لكن فاته شيء كثير. فعلى من يتخصص في التفسير ويتصدى لهذا الباب أن يتقن هذا الكتاب لأنه سيعيش في عالم التفسير الحقيقي من تحرير وتدقيق وسوف يجد نَفَس عالم وإمام يعرف ماذا يأخذ وماذا يدع ومتى يتوقف عند التفسير وينتقل إلى تخصص آخر، وهذا لا يكاد يوجد في كتب التفسير.