يصنَّف هذا الكتاب ضمن كتب أصول الفقه الحنفي. وهو في حقيقته شرح على كتاب مهم في أصول الفقه على المذهب الحنفي هو كتاب أصول البزدوي (٤٨٢هـ). يقول عنه الشارح: "ضمَّن الأصل البزدوي أصول الشرع وأحكامه، وأدرج فيه ما به نظام الفقه وقوامه، وهو كتاب عجيب الصنعة، رائع الترتيب، وصحيح الأسلوب، مليح التركيب". وتبرز أهمية شرح عبد العزيز البخاري كونه أهم شروح أصول البزدوي، بل ويُعَد هذا الكتاب مع شرحه من أحسن كتب الأصول عند الحنفية وأفضلها، وهو عمدة علماء الحنفية في الأصول. ويبين الشارح ما دفعه إلى تصنيف شرحه فيقول عن الأصل: "ولكنه صعب المرام، أبيُّ الزمام، لا سبيل إلى الوصول إلى معرفة لطفه وغرائبه، ولا طريق إلى الإحاطة بطرفه وعجائبه، إلا لمن أقبل بكليته على تحقيقه وتحصيله... وقد سألني إخواني في الدين، وأعواني على طلب اليقين، أن أكتب لهم شرحا يكشف عن غوامض معانيه نقابها..."، وهذا هو ما دعاه لتسميته بكشف الأسرار. ومن ثم يهدف الشارح إلى الكشف عن أوجه غوامض معاني الأصل، وإبراز اللطائف المستترة في مبانيه، وتوضيح ما أبهم من رموزه وإشاراته المعضلة، وتبيين ما أجمل من ألفاظه وعباراته. ولا شك أن شرحا موسعا على كتاب صعب العبارة مبهم الألفاظ جعل الشارح يسلك المنهج التحليلي؛ إذ نجد تعليقات طويلة على سطر قصير من المتن. أما عن أسلوبه فيه فيقول الشارح: "وأرجو أن يكون كتابا سبق عامة الشروح ترتيبا وجمالا، وفاق نظائره تحقيقا وكمالا" فقد جاء له بالأمثلة والأدلة من الكتاب والسنة ليقرب معناه. ويتألف محتوى الكتاب من مقدمة ثم تعريفات العام والخاص والمشترك والمؤول والظاهر والنص والمحكَم والمفسر والمشكل والمجمل والحقيقة والمجاز، ثم يتناول أقسام الدلالات، ثم أبواب الأمر والنهي، وفصل في أبواب حروف المعاني وحروف الجر، والصريح والكناية والعزيمة والرخصة، ثم باب بيان أقسام السنة من المتواتر وخبر الواحد والمشهور مع الكلام عن تقسيم الرواة وشروطهم، ثم باب تقسيم السنة وبقية أدلة الأحكام من إجماع وقياس واستحسان، وأخيرا باب معرفة أقسام الأسباب والعلل والشروط. وقد اعتمد الشارح على مراجع أخرى كشروح أخرى لأصول البزدوي مثل "الفوائد" للرامشي (٦٦٦ه).