أصل هذا الكتاب مذكرات كتبها المؤلف لطلاب مادة المذاهب الفكرية المعاصرة، ثم قام باستكمالها حتى تستوعب الموضوعات والعناصر التي ينبغي أن تشتمل عليها المادة، ثم رتبها وصنفها لتكون صالحة للإخراج على هيئة كتاب ملتزم بمنهجية التصنيف والتبويب والتقسيم والترتيب المنطقي، فجعلها بذلك في سلسلة أعداء الإسلام دراسة علمية نقدية تحليلية بمنظار إسلامي لزيوف كبريات الآراء والمذاهب الفكرية المعاصرة وأئمتها. وقد دفع المؤلف إلى الكتابة في هذا الموضوع ما رصده بأن الفتنة المعاصرة الكبرى تتمثل في الآراء والأفكار والشعارات والمذاهب الفكرية المعاصرة، والتي تناولت حرمات العقائد والمبادئ والأخلاق بالتقويض والهدم. وتأتي أهمية الموضوع من انتشار هذه المذاهب الهدامة مع تفجر منجزات الحضارة المادية المعاصرة التي بدأت منذ أواخر القرن السابع عشر الميلادي في الغرب، لا سيما وأن العمل الدعوي في هذا المجال ما زال في المراحل الأولى من الطريق الطويل. ومن ثم يهدف هذا الكتاب إلى كشف زيف هذه المذاهب للناس، من خلال النظر إلى أسباب نشأتها ومناخ ترعرعها، مع البحث عن أهم وأخطر المفسدين في هذا الباب، سواء النظم والقوانين، أو الشعارات التي تخدع الجماهير، أو التفسيرات الفلسفية المندسة في العلوم. وحتى يحيط المؤلف بكافة جوانب موضوعه عمد إلى تقسيم محتوى دراسته إلى ثلاثة أقسام؛ جعل أولها للمقدمات العامة التي تشتمل على التعريف بمناخ نشأة الآراء والمذاهب الفكرية المعاصرة، المناقضة للدين ولمكارم الأخلاق، وللنظم الاجتماعية التي تنبثق عنها، ولوسائل التضليل التي يستخدمها المضللون لترويج الشعارات والآراء والأفكار والمذاهب الفكرية المعاصرة المزيفة، أما ثانيها فخصصه لعرض أهم الشعارات البراقة المزيفة الباطلة والأفكار والآراء ولمذاهب فكرية معاصرة جزئية منبثة وموزعة في علوم مختلفة، مع كشف زيفوفها، وتعريف بأئمتها. أما ثالث أقسام الكتاب فأفرده للمذهب الفكرية الكبيرة، ذات التأثير المهيمن على سلوك شعوب وأهم الدول، مع كشف زيفها، وتعريف بأئمتها. أما عن أسلوب الكتاب فالمؤلف مختص في مجال التيارات الفكرية ومدرِّس جامعي لها في جامعة أم القرى، وهو ممن يوفي المواضيع حقها مع نظر عقلي هادئ وعبارة مسبوكة مصبوبة في قوالب لغوية أخّاذة. ولكن قد يؤخذ على الكتاب أحيانا التفصيل الشديد الذي يؤدي إلى التكرار؛ فيبدو وكأنه مقالات منفصلة تم جمعها، ويؤيد ذلك فترات الانقطاع التي أشار إليها المؤلف أثناء تأليف الكتاب. كما يؤخذ على الكتاب قلة عزوه للمصادر التي استقى منها معلوماته.