أصل هذا الكتاب رسالة مقدمة إلى قسم الدراسات العليا الشرعية لنيل درجة الماجستير في الكتاب والسنة بجامعة أم القرى. وقد صرح المصنف بأسباب كتابته في هذا الموضوع وأهمها أنه وجد جلَّ من كتبوا في المكي والمدني لم يخرجوا عن إطار التعريف والضبط باستثناء رسالة الدكتور أحمد البدوي التي حملت ذات العنوان ولكن في السور المكية، مما كان حافزا للمصنف لإكمال الطريق بخدمة الجانب المدني أيضا. هذا إلى جانب شرف علم المكي والمدني ضمن علوم القرآن لما فيه من فائدة في تمييز الناسخ من المنسوخ، وهو السبيل لمعرفة تاريخهذ التشريع وتدرجه الحكيم بوجه عام. أما عن المنهج الذي سلكه المصنف فإنه ذكر أشهر التعاريف في المكي والمدني عند العلماء، ورجَّح رأي الجمهور وهو اختيار الزمان لا المكان ولا الأشخاص لما يتميز به من الضبط والحصر. ثم إنه ذكر الخصائص الأسلوبية والموضوعية للقرآن المدني. ثم ذكر أشهر الأقوال والروايات في تحديد المدني والمكي من القرآن، مع دراسة كل سورة مختلف فيها، والترجيح وفقا للروايات الصحيحة المشهورة الواردة أو وفقا لدراسة الأسلوب والموضوع فيها، مع تفصيل القول في الآيات المدنية الواردة في سور مكية. وقد استفاد الباحث من مصادر عدة أهمها كتب السنة لا سيما الصحيحين، وكتب التفسير المختلفة، وكذا كتب علوم القرآن كبرهان الزركشي وإتقان السيوطي وأسباب النزول للواحدي وغيرها. وقد انتظمت موضوعات الرسالة في مقدمة وبابين وخاتمة؛ تناول الباب الأول المراد بالقرآن المدني والفرق بينه وبين القرآن المكي، والضوابط التي يعُرف بها المدني، والفرق بين هذه الضوابط وضوابط المكي. ثم خصائص السور والآيات المدنية من الناحيتين الأسلوبية والموضوعية. ثم بيان السور المتفق على مدنيتها والمختلف فيها، مع بيان الآيات المدنية في السور المكية والآيات المكية في السور المدنية. هذا مع دحض الشبهات التي أثيرت حول المكي والمدني من القرآن. أما الباب الثاني فقد تناول بيان حالة المجتمع المدني قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم. ثم التشريعات التفصيلية والأحكام العملية في العبادات والمعاملات مع بيان الحكمة التشريعية. ثم محاجة أهل الكتاب وبيان الصفات التي وصفهم بها القرآن. ثم بيان ضلال المنافقين وما اتصفوا به من قبيح الصفات وما أعد لهم من العذاب والنكال وموقف الرسول تجاههم وأشهر مواقفهم العدائية للمسلمين. ثم بيان قواعد الجهاد وحكمة تشريعه، والأحكام المتعلقة بالحروب والغزوات والصلح والمعاهدات.