التوحيد
ابن خزيمة
التوحيد
نبذة عن الكتاب

يعد هذا الكتاب من أهم الكتب المصنفة في العقيدة عند أهل السنة والجماعة. وتأتي قيمته من كون مؤلفه من متقدمي علماء السنة؛ فقد عاش في القرن الثالث وهو من القرون المفضلة. وهو يروي كتبه بالسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما عاصر الكثيرين من شيوخ البخاري ومسلم. ثم إنه يعد من أكبر علماء أهل السنة الذين انتهت إليهم الرئاسة في العلم والفقه بلا منازع، كما كان مشهورا بمناظرته لأهل الأهواء وأفحامهم، فاستحق بذلك لقب إمام الأئمة في عصره. تأتي أهمية هذا الكتاب في كونه يبحث في المسائل العقدية، خاصة ما يتصل منها بأسماء الله وصفاته وأحوال الناس يوم القيامة، على منهج أهل الأثر أصحاب الحديث وأهل السنة والجماعة، وهو المذهب الذي ينتمي إليه مؤلف الكتاب إذ يقول في مقدمة كتابه: "فيعلم الناظر في كتابنا هذا صحة مذهب أهل الآثار في هذين الجنسين من العلم وهما: إثبات القول بالقضاء السابق والمقادير النافذة قبل حدوث كسب العباد، والإيمان بجميع صفات الرحمن". وهناك العديد من الكتب قبل كتاب ابن خزيمة حملت عنوان "التوحيد" ككتاب مستقل؛ مثل: ابن منده في كتابه "التوحيد ومعرفة أسماء الله وصفاته على الاتفاق والتفرد". وقد دعا المصنف إلى الكتابة في هذا الموضوع تخوفه من ميل بعض طلاب العلم والحديث عن الحق حال حضورهم لمجالس أهل الزيغ والضلال من الجهمية المعطلة والقدرية المعتزلة. رغم تصريحه بكراهيته للكتابة في مثل هذه القضايا مما له صلة بعلم الكلام والتأويلات الباطلة، لذا فإنه كان يعقد مجالس مناظرة لمناقشة أهل الأهواء ويعتقد أن هذا الأسلوب يكفي في إظهار الحق وإقناع طالبيه وإزالة الشبه التي ينشرها أهل الأهواء بين طلاب العلم. وقد سلك المصنف في منهج تصنيفه للكتاب مسلك المحدثين من حيث سَوْق الأسانيد إلى كل متن مقتديا في ذلك بعلماء السلف. كما أنه يورد أحيانا طرفا من أقول بعض الفرق ويرد عليهم. وقد يورد الحديث الواحد في أبواب متعددة مستدلا من الحديث بجملة جاءت فيه تدل على ما جاء في العنوان الذي ذكره، ويظهر هذا جليا لمن يقرأ هذا الكتاب. كما أنه يقوم أحيانا بالجمع بين الأحاديث التي يفهم منها التعارض ويؤلف بينها، مما يزيل الشبه ويدفع اللبس. وقد تطرق المؤلف في موضوعات هذا الكتاب إلى الحديث عن عدد من القضايا من أهمها: سياق ما ورد من النصوص في الكتاب والسنة في إثبات عدد من الصفات الذاتية والفعلية لله عز وجل وجعلها قاعدة لإثبات ما ورد مشابها لها، واعتبار أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر. وإثبات إمكان رؤية الله يوم القيامة للمؤمنين دون الكافرين في موقف القيامة وفي الجنة. وإثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا، وقد أطال في الاستدلال لها وتكلف في تأويل بعض الأدلة لإثباتها رغم أن المترجح عند أكثر العلماء أن المراد بهذه الرؤية هي الرؤية القلبية دون رؤية البصر لعدم ورود النص الصريح في ذلك. ثم تناول موضوع إثبات الشفاعة يوم القيامة مع ذكر أنواعها والرد على منكري الشفاعة من المعتزلة والخوارج. ويتميز الكتاب باشتماله على سبعمائة وخمسين حديثا بالإضافة إلى عشرات الأسانيد، الأمر الذي جعل كثيرا من علماء السلف يعتمدون على هذا الكتاب، وينقلون منه كثيرا في كتبهم التي تقرر عقيدة السلف. وربما يؤخذ عليه روايته عن بعض الضعفاء والمتروكين، وتأويله لبعض الأحاديث، وروايته لبعض الأخبار الواهية، وتردده في الحكم على بعض الأحاديث.