هذا الكتاب يمثل المرحلة الأولى من مشروع متكامل تبناه المؤلفَيْن - د.صلاح الصاوي ود. عبد الله المصلح - وهما عالمين جليلين لهما باع كبير في معالجة قضايا المسلمين المعاصرة، لا سيما في الدول الغربية، وتمتاز دعوتهما بالتوسط وعدم التعصب والجمود، مع عدم الإخلال بثوابت الشرع، والوقوف بالمرصاد لكل المناهج والدعاوى الفاسدة والملبسة على كثير من المسلمين دينهم.وهذا المشروع يعنى بتعريف المسلمين حقائق الإسلام عقيدة وشريعة، وهذه المرحلة منه موجهة إلى آحاد المسلمين، تبين لهم فرض العين من العلوم الشرعية التي لا يعذر مسلم بجهالتها. وعلى الرغم من أن موضوعات الكتاب قد تبدو للبعض بديهية، إلا إن ما أصاب مفاهيم الدين من الغبش في نفوس كثير من المسلمين في الأزمان المتأخرة - لا سيما في البلدان الغربية، هو ما دعا المؤلفَيْن إلى جمع ثوابت الشرع المحكم، بأسلوب مبسطـ في صورة متن يتناول الجمل المحكمة، وشرح لها بذكر النصوص الواردة فيها ووجه الاستدلال منها. ويتكون الكتاب من مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة.أما المقدمة، فقد تناول فيها سبب التأليف وأهميته، وخطورة ما آل إليه أمر المسلمين.وفي التمهيد ذكّر كل مسلم بحقيقة انتسابه إلى هذه الأمة المباركة، وأن ما تمر به في الأزمان المتأخرة ما هو إلا كبوة عارضة، لا ينتشلها من حمأتها إلا العودة الصادقة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة.وفي الفصل الأول - وهو يمثل قرابة نصف الكتاب - تناول أركان الإيمان الستة، مبتدأ بالإيمان بالله وهو التوحيد، موضحا أنه أصل جميع الأديان السماوية، وأنه شرط قبول العمل. ثم شرع في بيان أنواع التوحيد الثلاثة - الربوبية، الألوهية، الأسماء والصفات - موضحا دلالتها ومقتضياتها، مع إسقاط ذلك على بعض المظاهر الشركية في واقعنا المعاصر، حتى يصح تصور المسلم لحقائق الإيمان بالله. ثم تناول باقي أركان الإيمان بما يتناسب والغرض من الكتاب.وفي الجزء الثاني من هذا الفصل تناول حقيقة الإيمان ومراتبه وما ينقضه، ثم تحدث عن جماعة المسلمين وإمامهم، والسبيل إلى تمكينهم في الأرض.وفي الفصل الثاني تناول أركان الإسلام الخمسة المعروفة - الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج - وذلك بذكر أهم الأحكام والآداب دون الخوض في المسائل الخلافية إلا ما كان من إشارة سريعة، اقتضت الضرورة ذكرها. واقتصر في الشرح على الأدلة من الكتاب والسنة وما فهمه الصحابة من ذلك.وفي الفصل الثالث والأخير تناول أحكام بناء الأسرة المسلمة والآداب المتعلقة بها، في النكاح والطلاق، وصلة الأرحام والتكافل بينهم.ثم ختم هذا الفصل بالحديث عما هو معلوم من الدين بالضرورة من المحرمات الظاهرة من الربا والخمر وأكل الميتة وأكل أموال الناس بالباطل.وفي الخاتمة ذكر أن كل مسلم عليه أن يحمل همّ دعوة الناس أجمع للحق وهدايتهم، وتكون هذه هي قضيته الأولى.ويتميز الكتاب - إضافة إلى ضبطه المسائل على منهج أهل السنة والجماعة بأسلوب سهل مختصر - بإسقاط هذه المسائل على واقع المسلمين المعاصر؛ رغبة في إحياء ما اندرس من معالم الدين، وبعث مجدها التليد؛ الأمر الذي يجعل في الكتاب ربانية وبركة قد لا تتوفر مثلها في غيره من المصنفات المعاصرة إلا قليلا. وكذا يتميز بحسن التنسيق والإخراج الفني، والتمييز بين المتن والشرح، ووضع العناوين الميسرة للفهم والحفظ. وكذا اقتصر من الأدلة على الكتاب والسنة، ومن الأحاديث على الصحيح منها، مما له بالغ الأثر في ربط القارئ بمنهجية اتباع الدليل في كل مسائل الدين.وهناك مصنفات عدة تناولت موضوعات الاعتقاد بشكل جامع من أمثال "معارج القبول" لحافظ حكمي، وسلسلة "العقيدة في ضوء الكتاب والسنة" لعمر الأشقر وغيرهم الكثير؛ إلا إن معالجتها للموضوعات لم يكن بهذه الصفة المختصرة والمكثفة لاستيعاب الجمل الثابتة من الكتاب والسنة، والتي لا ينبغي لمسلم بحال أن يجهلها، دون الإتيان بنقولات عن العلماء وما إلى ذلك؛ فهذا الكتاب أنسب للمبتدئين والمسلمين الجدد، بل وكذلك للمسلمين الذين اشتبه عليهم سبيل الحق بسبل الضلالة، وراقت لهم كثير من المذاهب الهدامة لجهلهم بثوابت دينهم.