تبرز أهمية معالم التنزيل في كونه من أشهر كتب التفسير بالمأثور في القرن السادس الهجري. وهو في حقيقته تفسير كامل للقرآن، حاوٍ للصحيح من الأقول، سهل العبارة، عارٍ عن الغموض والتكلف في توضيح النص القرآني، محلى بالأحاديث النبوية والآثار الغالب عليها الصحة. وهو للفقيه الشافعي المحدث المفسر أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي. وكان من أسلوب البغوي أنه نقل في تفسيره ما ورد عن الصحابة والتابعين من غير ذكر للسند اعتمادا على أنه ذكر في مقدمة تفسيره إسناده إلى كل من يروي عنه، كما أنه يتحرى الصحة فيما يسنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويثعرض عن المناكير وما لا يتعلق له بالتفسير. ويتعرض لتفسير الآية بلفظ سهل موجز، وينقل ما جاء عن السلف في تفسيرها، وذلك بدون أن يذكر السند يكتفي في ذلك بأن يقول مثلاً: قال ابن عباس كذا وكذا، وقال مجاهد كذا وكذا، وقال عطاء كذا وكذا. ويقدم البغوي بعد ذلك الطريقة التي اختارها وجعل عليها تفسيره وهي التوسط والاعتدال بالنسبة لكتب التفسير في عصره، فيقول: "فجمعت بعون الله وحسن توفيقه فيما سألوا كتابا متوسطا بين الطويل الممل والقصير المخل، أرجو أن يكون مفيدا لمن أقبل على تحصيله". وطريقته في تفسيره تأتي في ذكر اسم السورة، وعدد آياتها، وبيان مكيها ومدنيها وقد يفصّل فيذكر الآيات المكية في المدينة والعكس ثم يسوق أسباب النزول إن كانت السورة قد نزلت في مناسبة معينة، وقد يعرض خلال التفسير لأسباب نزول بعض الآيات الخاصة فيها. وللبغوي منهج متميز في التفسير يعتمد على عناصر أساسية وهي: اعتماده على المأثور من الكتاب والسنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين مع عنايته بالقراءات واللغة والنحو بإيجاز يحقق فهم الآيات، وذكره لمسائل العقيدة والأحكام الفقهية بطريقة مختصرة. ويبين البغوي في مقدمته الداعي من تأليفه في قوله: "فسألني جماعة من أصحابي المخلصين وعلى اقتباس العلم مقبلون كتابا في معالم التنزيل وتفسيره، فأجبتهم إليه معتمدا على فضل الله وتيسيره". وينتقل الإمام البغوي في مقدمته فيذكر مصادره في تفسيره من كتب التفسير بالمأثور وكتب الأخبار والسير وكتب القراءات والحديث النبوي الشريف. ثم يعقد ثلاثة فصول بين يدي التفسير وهي في فضائل القرآن وتعليمه، وفي فضائل تلاوة القرآن، وفي وعيد من قال في القرآن برأيه. ثم يبين معنى التفسير والتأويل والفرق بينهما ومعنى نزول القرآن على سبعة أحرف. ثم ينطلق إلى تفسير كتاب الله تعالى سورة سورة من سورة الفاتحة حتى سورة الناس. وقد سئل ابن تيمية عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة؟ الزمخشري أم القرطبي أم البغوي؟ أو غيرهؤلاء؟ فأجاب : "وأما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة - البغوي".