يصنف هذا الكتاب ضمن مؤلفات المذهب الحنفي. وهو في حقيقته شرح للمتن الحنفي الموجز المسمى بـ"ملتقى الأبحر" لإبراهيم بن محمد الحلبي الحنفي، يقول عنه شارحه شيخي زاده: "وهو أنفع متون المذهب، وأتمها فائدة وأكمل، خالٍ عن الزوائد المملة والاختصارات المخلة، وشهرته فوق اطناب في مدحته" ويشتمل هذا المتن على مسائل القدوري والمختار والكنز والوقاية وهو ما يعنيه بالكتب الأربعة، وذلك بعبارة سهلة، وأضاف إليه بعض ما يحتاج إليه من مسائل المجمع ونبذة من الهداية، وقدَّم من أقاويلهم ما هو الأرجح وأخَّر غيره واجتهد في التنبيه على الأصح والأقوى. وقد دفع الكاتب إلى تصنيف هذا الشرح على المتن إضافة إلى أهميته أن شراحه السابقين تفاوتوا فيما بينهم بين الإطناب والإيجاز، فأراد هو أن يتوسط كما بيَّن في قوله: "فأردتُ تبيين مكنونه عن كل محكم وغامض، وتحقيق لبه من كل حلو وحامض من غير إطناب ممل وإيجاز مخل". ولعل من أهمية الكتاب بلوغ صيته في الآفاق والتوقيع على قبوله بين الحنفية باتفاق. وتلك الفوائد إنما أوردها المصنف ليُخَلِّص الحق والصواب ويميز القشر عن اللباب. وكان المصنف يهدف من شرحه تحليل ألفاظ المتن وتوضيح معانيها والإتيان بالأدلة الشرعية على مسائل المتن وأحكامه. وقد كان من أسلوب المصنف أن يورد آراء أصحاب المذهب الحنفي والشافعي أحيانا. كل ذلك بين الإطناب والإيجاز. وكون هذا الكتاب شرحا لمتن فقد كان منهج الشارح فيه هو المنهج التحليلي إذ قام بتحليل ألفاظ المتن من خلال وضعها بين قوسين ثم شرح ما غمض منها ليكون في متناول الدارسين. وتناول الشارح ذات موضوعات الأصل وهي: الطهارة، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، النكاح، الرضاع، الطلاق، الإعتاق، الأيمان، الحدود، السرقة، السير، اللقيط، اللقطة، الآبق، المفقود، الشركة، الوقف، البيوع، الصرف، الكفالة، الحوالة، القضاء، الشهادات، الوكالة، الدعوى، الإقرار، الصلح، المضاربة، الوديعة، العارية، الهبة، الإجارة، المكاتب، الولاء، الإكراه، الحجر، المأذون، الغصب، الشفعة، القسمة، المزارعة، المساقاة، الذبائح، الأضحية، الكراهية، إحياء الموات، الأشربة، الصيد، الرهن، الجنايات، الديات، المعاقل، الوصايا، الخنثى، الفرائض، وغير ذلك من الأبواب الفقهية والموضوعات المختلفة. ومن الدراسات المهمة في هذا الباب ما ورد من شروح لمتن "ملتقى الأبحر" وعلى رأسها شرح تلميذه الحاج علي الحلبي، وشرح الشيخ نور الدين علي الباقلاني واسمه "مجرى الأنهر على ملتقى الأبحر"، وشرح إسماعيل أفندي السيواسي المسمى بـ"الفرائد"، وشرح الإمام علاء الدين علي بن محمد الطرابلسي المسمى بـ"سكب الأنهر على فرائض ملتقى الأبحر"، وغيرهم.