ينتمي هذا الكتاب إلى المذهب الحنفي. وقد أفرد له مؤلفه موضوعا معينا من موضوعات الفقه الإسلامي وهو موضوع الضمانات المختلفة الناشئة عن مخالفة العقد أو مخالفة أمر من الأمور التي أوجبتها الشريعة للحفاظ على نفس الإنسان وبدنه وماله وعرضه. وهذا السبيل في التأليف مختلف عن طريقة المطولات الفقهية التي تشتمل أبواب الفقه جميعها. وهو ما يتفق مع الاتجاهات الحديثة في التأليف الفقهي المتخصص في موضوع من الموضوعات الفقهية. ومن هنا تتبين أهمية الكتاب في اهتمامه بجمع مسائل هذا الموضوع، شأنه في ذلك شأن الكثيرين من فقهاء المذهب الحنفي الذين كانوا أكثر عناية من غيرهم بإفراد هذا الموضوع بالدراسة. وقد دفع المصنف إلى إفراد هذا الموضوع بالتأليف كثرة وقوع القضايا التي يتعين على القضاة والمفتين النظر فيها في عصره إضافة إلى الأهمية التي أولاها الشرع لنظام الضمان لكل فرد حتى يستطيع معرفة حق الآخرين عليه إذا تسبب بالإضرار بحقوقهم المختلفة. ولقد كان المصنف يهدف إلى حل كثير من النزاعات والخصومات المتعلقة بالضمانات في عصره على أساس صحيح من الأحكام الشرعية بعد استقصاء جميع مسائلها. ومن ثم فإنه قد جمع صور التعديات والمخالفات والأفعال الضارة التي وقعت في مجتمعه. وبعض هذه الصور له تطبيقات في الواقع المعاصر وبعضها يقتصر على عصر الكاتب. ولقد كان منهج المصنف استقرائيا استقصائيا حيث حصر ما استطاع فيما يتعلق بمسائل الضمان، ذاكرا المصدر الذي استقى منه حتى يسهل الطلب ويقل التعب في الرجوع لأصول هذه المسائل. ونتبين مما سبق أسلوب المصنف وهو استقصاء جميع مسائل الضمان من مصادرها المعتمدة، مع ترتيبها لتيسير الرجوع إليها في هذه المصادر، ومعرفة الصحيح والأصح والمفتى به في هذه المسائل طبقا لما انتهى إليه أئمة المذهب والعلماء المرجحون فيه. ولا يجد المصنف بأسا في تكرار الكثير من المسائل التي ذكرها ابتغاء التيسير في الرجوع للمسألة التي يريد الباحث الرجوع إليها. أما عن محتوى الكتاب فإنه يتناول موضوعين كبيرين، هما: ضمان العقد (أو المسؤولية العقدية في الاصطلاح القانوني المعاصر)، والثاني ضمان العدوان (أو المسؤولية التقصيرية في الاصطلاح القانوني المعاصر). وقد جمع المصنف مسائل الضمان من كتب المذهب ورتبها على ثمانية وثلاثين بابا تدور حول الموضوعات الفقهية المعروفة: الزكاة، الحج، الأضحية، الإعتاق، الإجارة، العارية، الوديعة، الرهن، الغصب، التصرف في مال الغير بغير إذنه، الإتلاف بالمباشرة والتسبب، الجناية، الحدود، الإكراه، الصيد والذبائح، اللقطة واللقيط، الآبق، البيع، الوكالة والرسالة، الكفالة، الحوالة، الشركة، المضاربة، المزارعة، المساقاة، الوقف، الهبة، النكاح والطلاق، الرضاع، الدعوى، الشهادة وخطأ القاضي، الإقرار، الصلح، السير، القسمة، الوصي والولي والقاضي، المجورون، المكاتب، نفقات الأقارب. وربما أُخِذ على المصنف عدم ذكره للأدلة إلا في اليسير من المسائل موجبا على نفسه بدلا من ذلك بيان الصحيح والمفتى به عنده.