هذا الكتاب القيم هو أحد أهم الكتب الفقهية في موضوعه، وهو شرح لأحد أهم المتون في الفقه الحنبلي "دليل الطالب لنيل المطالب" للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي. ومؤلف هذا الشرح هو العلامة الفقيه ابن ضويان إبراهيم بن محمد بن سالم المتوفي سنة ١٣٥٣هـ. وحقق الطبعة التي بين أيدينا الشيخ نظر بن محمد الفاريابي، وتعد من أجود طبعات الكتاب لما كان فيها من تدقيق ولحسن منهجية الشيخ في تحقيقها ومقارنتها بالنسخ الأصلية المخطوطة لتنقيحها من الأخطاء المطبعية والتحريف وغير ذلك. وكتاب دليل الطالب لنيل المطالب هو أيضا من أهم المختصرات المستوفية في الفقه الحنبلي، لأنه مستمد ومختصر من "منتهى الإرادات" للعلامة ابن النجار الفتوحي، ويعتبر من أهم كتب المذهب، ومن هنا يستمد الكتاب الذي بين يدينا أهميته ورواجه بين طلاب العلم ليسره ووضوحه. وقد امتاز هذا الشرح بخصائص عدة بين الكتب الفقهية الأخرى حيث سلك فيه المؤلف مسلكا جيدا ومفيدا، فذكر عند كل مسألة دليلها أو تعليلها، ويصفه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء سابقا بأنه "قرن كل مسألة بدليلها وتعليلها حيث حشد الشارح في كتابه ما ينوف على ثلاثة آلاف دليل ما بين حديث نبوي وأثر صحابي وتابعي، مع وضوح العبارة وسهولة الإشارة والتنبيه على القول الصحيح في أهم المسائل الخلافية". وجمع فيه من الأحاديث والآثار مادة غزيرة قلما تتوافر في كتاب فقهي آخر في مثل حجمه، كما أنه يذكر بعض الروايات القوية المخالفة لما اختاره الأصحاب من الحنابلة لحاجة الناس إليها. هذا عدا تنوع مصادر الكتاب وأصالتها حيث رجع المؤلف إلى مراجع أصلية لكبار فقهاء الحنابلة. ولهذا تلقاه العلماء والطلاب بالقبول والاستحسان واشتغلوا به دراسة وتدريسا. ويتكون الكتاب من ثلاث مجلدات على تلك الطبعة التي بين أيدينا وفي طبعات أخرى اثنتين. سرى المؤلف في ترتيب الكتاب على نهج عامة فقهاء الحنابلة في ترتيب مصنفات الفقه، فقسم كتابه إلى أبواب وتحت الأبواب فصول وتحت الفصول مسائل فقهية. يبدأ المؤلف المجلد الأول بكتاب الطهارة وحتى كتاب الجهاد، ثم في المجلد الثاني يبدأ من كتاب البيع وحتى آخر كتاب النكاح، والمجلد الأخير يبدأ فيه بكتاب الصداق إلى كتاب الإقرار. وقد أضاف المؤلف بهذا الكتاب إلى المكتبة الإسلامية كتابا متميزا فريدا من كتب الفقه في المذهب الحنبلي، فقد سعى المؤلف في هذا الكتاب إلى جمع المفترق وتسهيل الصعب وتوضيح المشكل وتفسير المجمل. وقد قام الشيخ الألباني رحمه الله بخدمة هذا الكتاب بتخريج أحاديثه في كتابه "إرواء الغليل" وفق منهجه الحديثي المعروف. واتسم المؤلف في كتابه بالبعد عن التكلف والابتذال، فكان يحرص على عرض مادته العلمية بعيدا عن السجع وغيره من التعقيدات اللفظية التي سارت عليها بعض الكتب الفقهية. ومن أهم مصادر المؤلف في شرحه كتاب الكافي وشرح المقنع الكبير وفروع ابن مفلح وقواعد ابن رجب وغيرها من الكتب.