أصل هذا الكتاب بحث أعده مصنفه بناء على تكليف من الأمانة العامة للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث من أجل إلقاءه في الندوة العلمية الخاصة بالمعاملات المالية في الشريعة الإسلامية في 2008م، وفي هذا الكتاب يتناول الكاتب أحد أهم مقومات الحياة البشرية وأحد الكليات الخمس المطلوب حفظها؛ وهو المال، ويأتي التناول هنا من منظور مقاصدي؛ انطلاقا من الدور الهام لعلم المقاصد في تجديد أو تطوير الفقه من خلال فهم النصوص في إطار مقاصدها وأهدافها، والذي يحقق التوازن بين اتجاه يتكئ على ظاهرية وحرفية النصوص بعيدا عن مقاصدها وآخر يتكئ على روح الشريعة بعيدا عن محكمات الشريعة ونصوصها الجزئية. ومن ثم فقد حاول الكاتب - وهو أحد العلماء المعاصرين الذين لهم باع طويل في العلم والعمل - الكشف عن المنظور الإسلامي للمال أو فلسفة الشريعة وتوجيهاتها الأساسية في المال، والتي تمثل العدالة والتكامل والتوازن والرفق، وقد أجاد الكاتب في ذلك؛ حيث اشتمل بحثه على ستة فصول تناول فيها بإيجاز وتركيز مقاصد الشريعة المتعلقة بقيمة المال ومنزلته، وكيف ربطت الشريعة بين المال والاقتصاد من جهة وبين الإيمان والأخلاق من جهة أخرى، ثم أوضح مقاصد الشريعة فيما يتعلق بإنتاج المال وأولويات ذلك، ثم تناول مقاصد الشريعة فيما يتعلق باستهلاك المال والرشد في ذلك، ثم بين مقاصد الشريعة فيما يتعلق بتداول المال والثروة النقدية، وأخيرا فصل في توازن الشريعة وسموها في توزيع الأموال مقارنة بالاقتصاديات الوضعية الأخرى، وسواء تعلق المال في ذلك بالأفراد أو بالدولة. وقد جاء البحث بعبارة جزلة واضحة، كما يتضح فيه الاستقراء الواسع من الكاتب للنصوص الشرعية؛ حيث جاء غنيا بالآيات والأحاديث الصحيحة، كما اتسم أيضا بالمعاصرة والإسقاط على الواقع في الكثير من المواطن، وكل هذا في عناصر واضحة ومرتبة.