هذا الكتاب مصنَّف ضمن كتب أصول الفقه. وهو يجمع مسائل الفقه التي صح فيها الإجماع عند المؤلف في مسائل العبادات والمعاملات والاعتقادات. وهو يبين عن هدفه قائلا: "نجمع المسائل التي صح فيها الإجماع، ونفردها من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين العلماء؛ فإن الشيء إذا ضُمَّ إلى شكله وقُرِن بنظيره سَهُل حفظه، وأمكن طلبه، وقرب متناوله، ووضح خطأ من خالف الحق به، ولم يتعن المختصمون في البحث عن مكانه عند تنازعهم فيه". وتأتي أهمية الكتاب أولا من أهمية موضوعه فما أجمع عليه المسلمون هو يقين ثابت مقطوع به. ولأهمية الإجماع وخطورة مخالفته كتب فيه الأئمة والعلماء كثيرا في أبحاث شتى. ثم إن هذا الكتاب حاول فيه مصنفه أن يستقصي مسائل الإجماع مخالفا مذهبه الظاهري الذي لا يعتد بإجماع بعد عصر الصحابة، فقال هنا: "وصفة الإجماع هو ما تُيُقِّن أنه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الإسلام... وإنما نعني بقولنا العلماء مَن حُفظ عنه الفتيا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمصار وأئمة الحديث ومن تبعهم رضي الله عنهم أجمعين". وقد رتب ابن حزم محتوى كتابه هذا على أبواب الفقه، ولم يتعرض لذكر الدليل. ومن ثم جمع مسائل الإجماع في العبادات كالطهارة والصلاة والاعتكاف والصيام والزكاة والحج، وفي المعاملات كالأقضية والإجارات والصلح والرهن والمزارعة والمساقاة والوديعة والوكالة والحوالة والكفالة والنكاح والإيلاء والطلاق والخلع والرجعة والعدة واللعان والظهار والبيوع والشفعة والعارية وإحياء الموات والفيء والجهاد والسير والقراض والدماء والصيد والذبائح والضحايا والعقيقة... وغير ذلك، ثم ختم كتابه بباب من الإجماع في الاعتقادات يكفر من خالفه بإجماع. ثم قام الإمام ابن تيمية بنقده بذكر بعض المآخذ عليه، وطُبع ذلك النقد مع الكتاب باسم "نقد مراتب الإجماع". وقد أخذ ابن تيمية على ابن حزم تكفيره لمخالف الإجماع؛ ذلك أنه من الممكن ألا يكون الإجماع قد بلغ من خالفه، أو بلغه على أنه دون الإجماع من مسائل الخلاف. بل مما يؤخذ على الكتاب أن ابن حزم خالف أحيانا الإجماع بنفسه؛ فيذكر في "المحلى" شيئا يرى أنه خلاف ثم يرى في هذا الكتاب أنه إجماع.