أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراه تقدم بها المؤلف إلى قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ويهدف الكاتب إلى دراسة مواقف السلف من أهل البدع بناء على ما دلت عليه النصوص التي هي عمدتهم في تقرير مذهبهم، وعلى ما دلت عليه الآثار المنقولة عنهم وأقوال العلماء المحققين من أهل السنة. وتأتي أهمية الكتاب في تسليطه الضوء على قضية التعامل مع أهل البدع بخلاف المؤلفات الكثيرة التي تناولت أنواع البدع وأقسامها والتحذير منها. وكان من أسباب اختيار المؤلف لموضوع بحثه اختلاط المسلمين في كثير من مرافق الحياة بأهل البدع مما يحتم بيان الموقف الواضح في التعامل معهم، لا سيما مع ترويج أهل الشبهات لعبارات للسلف يُظَنُّ فيها الإفراط أو التفريط في التعامل مع المبتدعة. وقد سلك المؤلف المنهج الاستقرائي في جمع النصوص والآثار المتعلقة بالباب، مع مراعاة ترتيب النقول على تاريخ وفيات أصحابها من السلف وأهل العلم، إضافة للتنويع بين النقول. وكان أسلوب المؤلف يتسم بالوضوح في شرحه لبعض عبارات السلف التي يخطئ الناس في فهمها مع بيان المعاني الصحيحة لها، والترجيح عند الخلاف، إضافة إلى عزو الآيات وتخريج الأحاديث وشرح الغريب وفهرسة الموضوعات. وقد جاء محتوى الكتاب في أربعة أبواب انتظمت في جزأين؛ اشتمل كل منهما على بابين. فأما الجزء الأول ففيه مقدمة عن نشأة فِرَق البدع وبيان موقف أهل السنة منها على وجه الإجمال. وأعقب المقدمة مدخل يشتمل على التعريف بالسنة وأهلها وبالبدعة وأهلها والأمر بلزوم السنة والتحذير من البدع. ثم جاء الباب الأول عن موقف أهل السنة من تكفير أهل البدع وتفسيقهم ولعنهم وقبول أعمالهم عند الله وحكم توبتهم. أما الباب الثاني فهو عن موقف أهل السنة من الصلاة خلف أهل البدع ومناكحتهم وأكل ذبائحهم وعيادة مرضاهم وشهود جنائزهم وحكم موارثتهم. وأما الجزء الثاني فاشتمل على الباب الثالث عن موقف أهل السنة من بغض أهل البدع وغيبتهم وبعض المسائل الأخرى المتعلقة بملاقاتهم ومحادثتهم والسلام عليهم ومنهجهم في عقوبتهم وإهانتهم وإذلالهم وترك تعظيمهم وتوقيرهم ومجادتهم ومناظرتهم. ويأتي الباب الرابع الأخير عن موقف أهل السنة من شهادة أهل البدع وروايتهم وحكم استخدامهم في التعليم والجهاد. وختم المؤلف بحثه بأهم النتائج التي توصل إليها، وذلك في ثلاثين مسألة تقرر منهج السلف الصالح في التعامل مع أهل البدع. ويميز الكتاب طرحه المنظم والمفصل لقضية التعامل مع المبتدعة مع استدلاله على ترجيحه بالنصوص وأقوال أهل العلم.