يعد هذا الكتاب مقدمة نافعة عن أشهر المذاهب الفكرية؛ إذ تناول أهم المذاهب الفكرية المعاصرة وأخطرها سواء في المضمون أم في الصلة الوثيقة والآثار اللصيقة بمجتمعاتنا الإسلامية. وقد دفع الكاتب إلى تناول هذا الموضوع بالبحث الكثرة الهائلة في الأفكار والمذاهب المعاصرة، فضلا عما تعدى طور الفكرة إلى طور التطبيق الفعلي مثل الفكر الماركسي، فقام المؤلف بجمع ما تشابه من هذه المذاهب في اتجاه معين، عارضا أشهر مذهب من هذا الاتجاه مثل الاتجاه التشاؤمي في الفلسفة الغربية حيث أخذ عنه مذهب "شوبنهاور" باعتباره أشهر الممثلين لهذا الاتجاه. وقد قسم المؤلف محتوى بحثه إلى قسمين: القسم الأول: مدخل لدراسة المذاهب. تناول فيه التعريف بمفردات العنوان، ثم الفكر المادي وخصائصه، وعوامل نشأة المذاهب المادية في الغرب النصراني، وعوامل انتقال المذاهب الفكرية من الغرب النصراني إلى المجتمعات الإسلامية، ووسائل نشر المذاهب الفكرية المادية في المجتمعات الإسلامية، وأخيرا دور اليهود في نشر المذاهب الفكرية المادية والإلحادية. أما القسم الثاني: فهو عن أمهات المذاهب في أشهر الاتجاهات المعاصرة. تحدث فيه عن دافيد هيوم والشيوعية متناولا قوانين المادية الجدلية، والترابط، والحركة، والتطور، والتناقض. ومجالات الشيوعية في مجال الدين والوجود والطبيعة والتاريخ والاقتصاد. ثم تحدث عن دارون والقوانين التي قامت عليها نظريته ونظرية التطور الحيوي، ثم تناول العلمانية وموقف الإسلام منها، ثم القومية والوطنية وما فيها من مفاهيم عن المواطنة والقومية العربية. ويتحدد أسلوب العرض بزاوية معينة عن كل مذهب مع إطالة النفس في نقد المذاهب ومعرفة أصلها وتاريخها وأبرز رموزها. ولم يكتف الكاتب بسرد الحقائق بل أضاف إليها انطباعه الشخصي وسخطه وانفعالاته مما قد يجعل البعض يصفه بعدم الحيادية، وتظهر هذه السمة منذ السطر الأول في الكتاب حيث يقول في المقدمة: "إن الشرق الإسلامي كان خيرا على العالم الغربي النصراني بكل المقاييس، بينما كان الغرب النصراني شرا وضرا على العالم الإسلامي بكل المقاييس وفي جميع الحالات". وحيث إن الكتاب يعد مقدمة للمذاهب الفكرية فإنّ من أراد التزود فعليه أن يبحث عن كتب متخصصة عن كل مذهب على حدة. ويعيب الكتاب أحيانا التكرار لاسيما فيما يتعلق بنقد تلك المذاهب.