محنة الأقليات المسلمة في العالم
محمد عبد الله السمان
محنة الأقليات المسلمة في العالم
نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب صادر ضمن سلسلة قضايا إسلامية معاصرة عن الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، وقد ألفه الأستاذ محمد عبد الله السمان الكاتب الإسلامي الأصيل وأحد أعلام الدعوة الإسلامية، نظرا لأن محنة الأقليات المسلمة في عالمنا المعاصر حقيقة واقعة، لا سبيل إلى تجاهلها فضلا عن الجهل بها، وهو لا يسميها قضية إذ القضية تعني أمرا قائما متحركا يعيش في حياة الناس، بينما المحنة وإن كانت كذلك أمرا قائما إلا أنه لا يشترط أن يكون هذا الأمر متحركا، يمتزج بأحاسيس الناس، ويجد طريقه إلى المشاركة الوجدانية. يبين الكاتب أن بعضا من الأقليات المسلمة يتحرك على مستوى إقليمي ومستوى عالمي محدود، لكن محنة الأقليات المسلمة في عالمنا المعاصر لم تتحول إلى قضية بعد، تشغل أذهان الامة الإسلامية ككل، وهي الحري بها أن تطبق توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يدعو - بنص الحديث الصحيح - إلى أن يكون المسلمون في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. والمؤلف يتساءل في تمهيده - بعيدا عن اللوم المتكرر منا على الاستعمار كسبب رئيس في هذه المحنة - وماذا فعلت الأمة الإسلامية بعد رحيل الاستعمار منذ أكثر من نصف قرن؟ وإذا كانت الأنظمة لا تهتم قليلا ولا كثيرا بمحنة الأقليات، فماذا عن تقصير الشعوب الإسلامية وقادة الرأي فيها التي لا تكاد المحنة تخطر لهم على بال؟ وبداية الطريق للعلاج كما يراه الكاتب هو الإحساس الصادق بمعاناة الأقليات المسلمة في العالم، مما يقتضي وجود وسائل إعلام إسلامية قوية مستقلة، تصور المعاناة كما هي كما وكيفا، ولن تستطيع ذلك إلا من خلال إحصائيات دقيقة عن عدد الأقليات وظروفهم وأحوالهم، لحل المشكلة ومعالجتها بعد ذلك.يبدأ المؤلف بتصوير الواقع الأليم الذي تعيشه الاقليات المسلمة في العالم، وتكون محطته الأولى من إفريقيا، تلك القارة الوحيدة من بين القارات الأربع التي يمكن أن نطلق عليها "القارة المسلمة"، حيث يمثل الإسلام فيها أكثر من 50% من سكانها، ومع أن الإسلام دخل القارة منذ عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي فتحت مصر في عهده، إلا المعركة في هذه القارة بين الإسلام والثالوث الكريه التبشير(الصليبية) والصهيونية والماركسية على أشده، وقد قدم المؤلف معلومات مفصلة عن عدد الدول الإفريقية ونسبة المسلمين في كل دولة ومعاناة المسلمين فيها، وعزا الأهداف الاستعمارية إلى السبب العقائدي بالأساس.ثم انتقل المؤلف إلى محنة الأقليات المسلمة في القارة الآسيوية، التي يعتبر المسلمون فيها الكتلة الصلبة في العالم، وأكبر تلك الاقليات في الصين ثم الاتحاد السوفييتي سابقا، وتواجه تلك الأقليات بالإضافة للصليبية والصهيونية والماركسية، الهندوكية التي تعمل بشراسة في الهند، والبوذية الأكثر شراسة ووحشية والتي تعمل في بورما وتايلاند. وقد تناول المؤلف هذه الدول واحدة واحدة، مسلطا الضوء على واقعها الإسلامي أولا، ومعاناة المسلمين فيها، ومواجهة واحد أو أكثر من المخاطر الخمسة: الصليبية والصهيونية والماركسية الشيوعية والهندوكية والبوذية.أما عن معاناة المسلمين في الغرب، فقد بين المؤلف أنه في بريطانيا تسن القوانين للحد من هجرة المسلمين منذ عام 1965، كما يواجهون التعصب والعنصرية، وفي فرنسا يواجه المسلمون الصليبية المقيتة التي ما تزال عالقة في أذهان الفرنسيين، وليست بقية دول أوروبا بأفضل حالا من بريطانيا وفرنسا.إن الأقليات المسلمة في عالمنا المعاصر تواجه تحديات ليست سياسية فحسب، بل كذلك فكرية وحضارية كالماركسية والصليبية والماسونية والعلمانية، دون تمتع هذه الاقليات بمقاومة تذكر لهذه التحديات، خاصة إذا لم تكن لديها رصيدا من الفكر الإسلامي الأصيل.ثم يتساءل المؤلف: ماذا قدمنا للأقليات المسلمة في العالم؟ والجواب يدعو إلى الأسى والحزن، ففي المجال السياسي تتعاون الدول الإسلامية سياسيا مع الأنظمة المعادية للإسلام، والمضطهدة للأقليات المسلمة في بلادها، وفي الجانب المادي فإن الدول الإسلامية الغنية لم تقدم سوى مبالغ ضئيلة لا تكاد تذكر أمام تلك المقدمة للأقليات غير المسلمة في العالم، أما في الجانب الروحي والفكري فما يقدم للأقليات المسلمة في العالم لا يسمن ولا يغني من جوع. ويتساءل المؤلف ثانيا: وماذا يجب أن نقدم للأقليات المسلمة لنخرج بها من محنتها؟ ويجيب عن ذلك بأننا نستطيع أن نقدم الكثير، متى أحسسنا أولا بمحنتها، وعقدنا العزم ثانيا على العمل من أجلها باستراتيجية واضحة المعالم، تضع في حسابها عوامل النجاح ومعوقاته. فالمخرج من هذه المحنة لا بد له من توافر وحدة سياسية قوية للعالم الإسلامي، ثم خطة للعمل على أساس هذه الوحدة.ويتميز أسلوب المؤلف بالسهولة، وفيه عاطفة جياشة، ومادة الكتاب مختصرة لكنها ممتعة، وفيها إحصاءات مفيدة، غير أنه لا يعزوها إلى مصادرها، والكتاب وإن كان مضى على تأليفه قرابة ثلاثة عقود إلا أنه لا يزال يعد مهما في بابه، بالنظر إلى قلة المؤلفات في هذا المجال وبراعة المدخل الذي يعالج به القضية.