هذا الكتاب النافع اختصار لكتاب الاعتصام للإمام أبي إسحق الشاطبي رحمه الله. وتأتي أهمية المختصر أولا من مكانة أصله الذي يعد من أفضل الكتب التي صُنفت في موضوع البدعة وحَدّها وذم البدع وسوء منقلب أهلها، وأنواعها وأحكامها والفرق بينها وبين المصالح المرسلة وغير ذلك من مسائل تتعلق بالبدعة وأهلها. إلا أن مصنفه أطال فيه وأكثر من الاستطرادات ما يشرد به ذهن القارئ ويتشتت سواء الاستشهاد بالآيات والأحاديث والآثار الصحيح منها والضعيف أحيانا والأقوال والقصص والأخبار والأمثلة والتفريعات. وقد كان هذا هو الدافع الرئيس للمختصِر إضافة إلى ما رآه من ضعف الهمم وكثرة الشواغل، فقال: "رأيت أنه يتحتم عليَّ وقد كنت قرأت الكتاب أكثر من مرة أن ألخصه وأهذبه دون أن أخل بشيء من معانيه". ويتحدث المختصِر عن أسلوبه في الاختصار في كتابه فيقول: "أحذف من هذا تارة وأعيد ذلك تارة وأربط بين جملة أو جمل في صفحة مع جمل أخرى تبعد عنها عدة صفحات، فأختار آية أو آيتين من عشرة أو أكثر تؤدي الغرض الذي من أجله ساقها المصنف، وكذلك أفعل بالأحاديث والآثار حاذفا منها كل ما لم يصح سنده... ولا أدَع فكرة أو مقصدا للمصنف إلا وأوردها... حتى ظهر الكتاب بالشكل الذي بين يديك، والذي يمثل في حجمه ربع الكتاب الأصلي تقريبا". وقد اعتمد المختصِر على طبعة السيد رشيد رضا دون إضافة شيء من عنده إلا ما يقتضيه ربط الكلام، وعناوين لبعض الفصول، وتعليقات يسيرة في الهامش توضح بعض معاني الكلمات والتعريفات. كما قام المختصِر بعزو الآيات وتخريج الأحاديث والآثار. وينتظم محتوى الكتاب في عشرة أبواب: تعريف البدع، وذمها، وجملة من شُبَه المبتدعة، ومأخذ أهل البدع بالاستدلال، والفرق بين البدعة الحقيقية والإضافية، وفي أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة، وأقسام نشوء البدع، والفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان، والسبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين، وبيان معنى الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه سبل أهل الابتداع فضلَّت عن الهدى بعد البيان. ويتميز هذا المختصر باحتوائه جميع أبواب الأصل وفصوله. كما أنه عرض هذا المختصر على نسخة خطية مغربية حصل عليها من جامعة أم القرى.