هذا الكتاب القيم من تأليف العلامة علي بن عمر بن أحمد أبو الحسن البغدادي، المعروف بابن القصار، وهو أحد أبرز الأصوليين في الفقه المالكي، وولي القضاء ببغداد فترة من الزمن، وله مصنفات عديدة. وهذا الكتاب هو مقدمة أصولية وضعها ابن القصار أول كتابه "عيون الأدلة في مسائل الخلاف"، ولذلك نحا فيها الاختصار والاقتضاب، ولم يطل ذيول المناقشة والاعتلال، يقول ابن القصار: "وقد رأيت أن أقدم لكم بين يدي المسائل جملة من الأصول التي وقفت عليها من مذهبه، وما يليق به مذهبه، وأن أذكر لكل أصل نكتة ليجمع لكم الأمران جميعا، أعني: علم أصوله ومسائل الخلاف من فروعه، إن شاء الله تعالى". ولعل للمؤلف كتابا آخر في الأصول وهو "المقدمة الكبرى" في عداد المفقود. ومقدمة الحافظ ابن القصار مقسمة إلى مباحث عديدة، تبدأ بباب الكلام في اختلاف وجوه الدلائل؛ ثم باب الكلام في وجوه النظر؛ ثم باب الكلام في إبطال التقليد من الالم للعالم؛ ثم باب القول فيما يجوز فيه التقليد؛ ثم باب القول في التقليد العامي للعالم؛ ثم باب القول فيما يلزم المستفتي العامي؛ ثم باب القول فيما يجوز فيه التقليد وما لا يجوز؛ ثم باب القول في استعمال العامي ما يفتى له؛ ثم باب القول في تقليد من مات من العلماء؛ ثم باب القول فيما يوجد في كتب العلماء؛ ثم باب القول في الترجمة على المفتي؛ ثم باب الكلام في وجوب أدلة السمع وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس؛ ثم باب القول في الخصوص والعموم؛ ثم باب الكلام في الأوامر والنواهي؛ ثم باب القول في أفعال النبي ﷺ؛ ثم باب الكلام في الأخبار والقول في خبر التواتر؛ ثم باب القول في خبر الواحد العدل؛ ثم باب القول في الخبر المرسل؛ ثم باب الكلام في إجماع أهل المدينة وعملهم؛ ثم باب القول في دليل الخطاب؛ ثم باب القول في الأسباب الوارد عليها الخطاب؛ ثم باب القول في الزائد من الأخبار؛ ثم باب القول فيما يخص به العموم؛ ثم باب القول في الأخبار إذا اختلفت؛ ثم باب القول في خبر الواحد و القياس يجتمعان؛ ثم باب القول في أن الحق واحد من أقاويل المجتهدين؛ ثم باب القول في تأخير البيان؛ ثم باب القول في خطاب الواحد هل يكون خطابا للجميع؛ ثم باب القول في العموم يخص بعضه بعضا؛ ثم باب القول في القياس على المخصوص؛ ثم باب القول في الاستثناء عقيب الجملة؛ ثم باب القول في الأوامر هل هي على الفور أو على التراخي؛ ثم باب القول في الأوامر هل تقتضي تكرار المأمور به أم لا؟؛ ثم باب القول في نسخ القرآن بالسنة؛ ثم باب القول في الزيادة على النص هل تكون نسخا أم لا؟؛ ثم باب الكلام في شرائع من كان قبلنا من الأنبياء؛ ثم باب الكلام في الحظر والإباحة؛ ثم باب الكلام في استصحاب الحال؛ ثم باب القول في الإجماع بعد الخلاف؛ ثم باب الكلام في إجماع الأعصار؛ ثم باب الكلام في العلة والمعلول؛ ثم باب القول فيما يدل على صحة العلة؛ ثم باب القول في العلة التي لا تتعدى؛ ثم باب الكلام في تخصيص العلة؛ ثم باب الكلام في القول بالعلتين إحداهما أكثر فروعا من الأخرى؛ ثم باب القول في جواز مون الاسم علة؛ ثم باب القول في أخذ الأسماء قياسا؛ وأخيرا باب القول في الحدود هل تؤخذ من جهة القياس. وقد أراد ابن القصار بتلك المقدمة أن يبين أصول مالك رحمه الله التي تنبني عليها أقواله وفتاويه، ويتميز الكتاب بوضوح العبارة وترك الغموض الا في بعض المواضع، وعدم الاعتناء بتعريف المسألة وتصويرها إلا نادرا، والبدء ببيان مذهب مالك في المسألة ثم الإشارة إلى الخلاف لاحقا، وأنه لا يلتزم ببيان المختار عنده فقد يذكر المسألة محتملة دون ترجيح وكثيرا ما يعرض قول مالك وحجة وحجاج دون بيان رأيه، كما أنه لا يشتد مع مخالفيه ولا يغلظ عليهم إلا إن قولهم شاذا منكرا. ويلاحظ على المؤلف عدم التزام الترتيب أحيانا، وعدم سرد الآية كاملة في بعض المواضع، وأنه قد يذكر مسألة مستقلة عقب مسألة أخرى دون أن يضع عنوانا للثانية. وقد عمل المحقق الدكتور مصطفى مخدوم على الاعتناء بتلك الملاحظات كالترتيب وتخريج الأحاديث والآيات والإشارة إلى بعض الموضوعات وعنونتها.