الكتاب مرجع هام في أصول الفقه الحنفي، واسمه "المسلم في أصول الفقه" للفقيه الأصولي المنطقي القاضي محب الله بن عبد الشكور البهاري الهندي، من أبرز علماء الإسلام في عصره، ولي صدارة ممالك الهند، وجعله الملك "شاه عالم"؛ قاضي القضاة في الدولة المغولية، ومنحه لقب: "فاضل خان". وقد ألف الكتاب على منهج المدرسة الجامعة في تأليف علم أصول الفقه وتدوينه، بين مدرسة المتكلمين ومدرسة الفقهاء، وهو كما يوصف "كتاب الفحول، لمن أراد معرفة الأصول". سماه مؤلفه بذلك لأن تاريخ تصنيفه سنة 1109هـ، كما صرح بذلك في مقدمته "وسميته بالمُسَلّم، سلمه الله عن الطرح والجرح، وجعله موجبًا للسرور والفرح، ثم ألهمني مالك الملكوت أن تاريخه مُسَلَّم الثبوت"، وذكر أنه متن جامع جمع فيه بين طريقتي الحنفية والشافعية، حيث قال: "ثم لأمر ما أردت أن أحرر فيه سفرًا وافيًا وكتابًا كافيًا يجمع إلى الفروع وإلى المشروع معقولًا، ويحتوي على طريقتي الحنفية والشافعية، ولا يميل ميلًا ما عن الواقعية". وقد رتب المؤلف موضوعاته على "مقدمة" فيما يفيد البصيرة في حد أصول الفقه وموضوعه وفائدته، و"مقالات" في المبادئ، و"أصول" في المقاصد، و"خاتمة" في الاجتهاد ونحوه. ويقصد بالمبادئ المبادئ الكلامية ومبادئ الأحكام والمبادئ اللغوية، ويقصد بالمقاصد الكتاب والسنة والإجماع والقياس، والاجتهاد تناول في آداب المناظرة وموضوع الاجتهاد والتقليد. وكتاب "مسلم الثبوت" متن اعتمد فيه مصنفه على وجازة العبارة مما قد يصل في بعض المواضع إلى الغموض، أما مأخذه فقد اعتمد على من سبقه من كتب الحنفية كـ"أصول السرخسي" و"البزدوي" وغيرهما. وعلى الكتاب شروح كثيرة لأهل الهند لشهرته هناك، من أشهرها شرح "عبد العلي اللكنوي الهندي" في "فواتح الرحموت" الذي نرى به العناية والاحتفال بـ"بمختصر ابن الحاجب" من حيث تصحيح أدلته أو الرد عليها مع ذكر مذهب "ابن الحاجب" الأصولي. وقد وضع المؤلف نفسه حاشية على كتابه لما أكمل مختصر "المسلم" وانتهى منه، إذ وقف على بعض المصادر الأصولية التي لم تكن بحوزته، فوضع هذه الحاشية وزاد بعض المسائل واستدرك على نفسه في مسائل.وقد أصدرت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية السعودية فهرس تحليل ألفبائي للكتاب ولعدد من المراجع الفقهية والأصولية المعتمدة، ليسهل على المشتغلين بالفقه عامة الوصول إلى المسائل الفقهية التي يوردها المؤلفون في غير مظانها، من باب تيسير الاطلاع على كنوز الفقه الإسلامي، وتسهيل التفقه في الدين وتطبيقه وتحكيمه.والكتاب محقق في رسالة دكتوراه للباحث د. "عامر بن عيسى اللهو" بجامعة الملك سعود.