نصب الراية لأحاديث الهداية
الزيلعي
نصب الراية لأحاديث الهداية
نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب في حقيقته شرح للأحاديث الواردة في كتاب الهداية للمرغيناني. وهو خدمة جليلة للأحاديث النبوية أكثر مما هو خدمة للمذهب الحنفي الذي يصنَّف تحته. ومما دفع المصنف إلى كتابته رغبته في تمحيص الهداية - وهو أشهر مدونات المذهب الحنفي - من الأحاديث الموضوعة والباطلة مما تساهل المدونون في حشدها. ومن ثم فقد هدف المؤلف إلى تعقب الأحاديث الواردة في الهداية مع سرد الأسانيد وتعقبها بالجرح والتعديل، ثم ذكر فقه الحديث وفوائده دون تعصب لمذهبه الفقهي، ومن ثم فإنه يعد شاهدا على تبحّرِ مؤلِّفه في فنِّ الحديث وأسماء الرجال. ومن هنا نتبين أهمية الكتاب؛ فهو - كما أصبح ذخيرة نادرة للمذهب الحنفي فاستمدّ منه من جاء بعده من شُرّاح "الهداية" - كذلك أصبح ذخيرة ثمينة لأرباب المذاهب الأخرى، من المالكي‏ والشافعي‏‏ والحنبلي؛ ذلك أنه يعد دائرة المعارف العامة، لأدلة فقهاء الأمصار، حيث أحاط بأدلتها، فلا يرى الباحث فيها نقصا، ومن ثم أصبح مقياسا ونبراسا للفقهاء والمحدثين على وجه سواء، مما جعل للكتاب من المنزلة في قلوب الحفاظ، ما لا تساميه منزلة كتاب من كتب التخريج. وقد اعتمد المصنف في كتابه على المنهج الاستقرائي والوصفي والمقارن إذ لم يقتصر على تخريج أحاديث الهداية، بل زانه بإيضاح أدلة المخالفين، وحَلّى كتابه بنقول عزيزة، ونصوص نفيسة. وقد وفى في أسلوب كتابته بالإنصاف إذ دون أدلة الخصوم، غير مقتصر على أحاديث طائفة دون طائفة، مع بيان ما لها وما عليها، بغاية النصفة. ومن ثم لم يكن الزيلعي مجرد ناقلٍ جَمّاع، بل كان في الجملة ناقدا مُوازِنا، يكشِفُ الأخطاء، ويستدرك، ويُوازن بين بعض نُسَخ مصادره. وقد استوفى المصنف في محتوى كتابه ذكر تخريج الأحاديث حسب ترتيب الهداية. ولم يكن يقتصر على تخريج الأحاديث المُصَرح برفعها، بل يخرج ما وقف عليه من الأحاديث المرفوعة والموقوفة، ويبين ما كان أشار إليه المرغيناني من أحاديث ولو لم يصرح بكونها أحاديث. وقد يتعرض في بعض المواضع لبعض النكت والفوائد الفقهية، ويأتي باعتراضات على المخالفين، وكثيرا ما ينقل الأسانيد بتمامها، وكثيرا ما يقتصر على نقل بعض السند، كما تراه في مواضع كثيرة يعسر إحصاؤها. وقد يقتصر على ذكر الصحابي الذي جاء من طريقه الحديث، وكثيرا ما ينقل كلام مخرج الحديث وكلام غيره، كما في مواضع كثيرة. وأحياناً يكتفي بالإحالة، وقد يبيض لأحاديث، ولا يخرجها. ولم يقتصر الزيلعي على التخريج من المصنفات والجوامع والمسانيد والصحاح والسنن، بل تنوعت مصادره، ونقل عن مصادر عزيزة، وكتب نادرة، تدل على أن الرجل طويل الباع، واسع الاطلاع، صاحب تفنّن في العلوم، ومشاركة في الفنون. ومما يمتاز به الكتاب أن المصنف لا يكتفي بسياق حديث واحد، بل تراه يجمع ويستقصي ويُحصي ما وقف عليه من المتابعات والشواهد، وكثيرا ما يورد أحاديث المخالفين، ويتكلم عليها تصحيحا وإعلالا، وعلى رُواتها جرحا وتعديلا، ويُكثِرُ من النقل.