أصل هذا الكتاب "نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف" رسالة علمية نال بها الباحث درجة الدكتوراه من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد أفصح الكاتب عن أهمية هذا الموضوع، فذكر أن الانحراف في فهم حقيقة الإيمان هو أول خلل اعتقادي يظهر في صفوف الأمة، فبدأ الخوارج هذا الغلو والانحراف، ثم ظهرت المرجئة بعكس قولهم، ولا تزال آثار انحرافاتهم في تلكم القضية تؤثر في كتابات وأبحاث كثير من المنتسبين إلى الإسلام، ولا عاصم من هذه الانحرافات إلا بالتزام منهج أهل السنة والجماعة في فهمهم لمسائل الإيمان والتكفير على ضوء الكتاب والسنة وفهم الصحابة رضي الله عنهم. كما ذكر أسباب الكتابة في هذا الموضوع، والتي يتصدرها ما بدا واضحا من كثرة الخائضين في هذه المسائل بمعزل عن الضوابط الشرعية أو أكثرها، وخاصة عند حكمهم على الأفراد والمجتمعات، فمن مائل إلى جانب الإرجاء أو إلى جانب التكفير دون النظر إلى ضوابط التكفير وموانعه. بالإضافة إلى ندرة البحوث في هذا الجانب، سواء في مجال ضوابط التكفير بشكل عام، أو النواقض الاعتقادية على وجه الخصوص. كما لا يخفى أهمية التركيز على النواقض الاعتقادية باعتبارها أصل النواقض، فكل ناقض عملي مرجعه إلى فساد في الاعتقاد، إما من جهة الاستحلال أو الرد والإعراض أو الاستخفاف أو الامتناع. ويتكامل الكلام ببيان أهمية النظر إلى ضوابط التكفير عند تناول النواقض، لكي يتضح دقة أهل السنة والجماعة في مواقفهم وأحكامهم. وقد قسم الكاتب الموضوعات على وفق المنهج الأكاديمي للرسائل العلمية، فقسم رسالته إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة، وجاء التمهيد مشتملا على التعريف بأهل السنة والجماعة، والتحذير من أهل الأهواء والبدع، وموقف أهل السنة منهم إجمالا، وخطورة الكلام في مثل هذه المسائل بغير علم، وأبرز الانحرافات في هذا الباب إجمالا، وتقويم موجز لأهم المراجع التي بحثت الموضوع. وجاء الباب الأول متعلقا بالإيمان عند أهل السنة ومخالفيهم، واشتمل على ثلاثة فصول تضمنت الإيمان عند أهل السنة، والمعاصي وأثرها عندهم، والإيمان عند الفرق "الوعيدية والمرجئة" إجمالا. كما جاء الباب الثاني متعلقا بضوابط التكفير وموانعه عند أهل السنة والجماعة، واشتمل على فصلين تضمنا ضوابط التكفير والمباحث المتعلقة به كالحكم بالظاهر والاحتياط في تكفير المعين وما تقوم به الحجة وعدم التكفير بكل ذنب، وموانع التكفير والمباحث المتعلقة به كالجهل وحالات العذر به والخطأ والإكراه والتأويل والتقليد. وختم بالباب الثالث والذي يتعلق بنواقض الإيمان الاعتقادية، واشتمل على ثلاثة فصول تضمنت ما يناقض قول القلب كالجحود والاستحلال والشك والجهل والشرك في الربوبية، وما يناقض عمل القلب كالإعراض والنفاق الاعتقادي والإباء والاستكبار والامتناع والشرك الأكبر بعمل القلب، والعلاقة بين النواقض الاعتقادية وغيرها من النواقض القولية والعملية. ثم أورد الخاتمة والتي جاءت موجزة جامعة للنتائج التي خرج بها البحث، إلا إنها لم تشتمل على التوصيات. ولقد حرص الكاتب على العناية بصحة الدليل والاستدلال، والتزام منهج أهل السنة والجماعة، وعلى توثيق النصوص والاعتماد على المصادر الأصلية، كما حرص على تخريج الأحاديث مع بيان حكم الأئمة عليه بالصحة أو الضعف إذا كانت في غير الصحيحين أو أحدهما، كما ترجم للأعلام غير المشهورين. وقد أثبت الكاتب في نهاية رسالته فهارس تفصيلية للأحاديث والآثار والأعلام والمصادر والمراجع والموضوعات.