أصل هذا الكتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية" رسالة علمية نال بها الباحث درجة الدكتوراه من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد أفصح الكاتب عن أهمية هذا الموضوع وأسباب الكتابة فيه، فذكر أن نواقض الإيمان أعظم الذنوب على الإطلاق، فمن ارتكب ناقضا من تلك النواقض فقد خرج من الملة، فلا يبقى إيمان مع وجود أحد هذه النواقض، فهي تحبط جميع الطاعات؛ إضافة إلى أن الله تعالى لا يغفر لمن مات عليها، بل صاحبها مخلد في نار جهنم، ومن ثم فإنه نظرا لخطورة هذه النواقض، فإنه يتعين علينا العلم بها، ومعرفة أنواعها، فينبغي استبانة سبل الكافرين مخافة الوقوع فيها، ومع ظهور هذه النواقض، ووجوب الحذر منها، إلا إن الناظر لواقع بلاد المسلمين عموما، يرى أن هذه النواقض قد عمّت وطمّت الكثير من تلك الديار، فيشاهد ويسمع ويقرأ مظاهر متنوعة وأنماطا مختلفة لما يناقض الإيمان، كما صارت هذه النواقض أمرا مألوفا، بل تجاوز الأمر ذلك.. فسُميت تلك النواقض بأسماء محببة للنفوس، ترويجا لها وتضليلا للناس، ومما يؤكد أهمية دراسة هذا الموضوع، أن موقف الكثير من المسلمين أمام تلك النواقض لا يخلو من غلو أو جفاء، فهناك من غلا وتشدد أمام تلك النواقض، فأدخل في النواقض ما ليس منها، وفي المقابل نجد أقواما قد تساهلوا في أمر هذه النواقض، فجعلوها مجرد محرمات لا تُخرج من الملة. وهدى الله تعالى أهل السنة لِما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فقرروا هذه المسألة بعلم وعدل، وتوسطوا بين أهل الغلو والإرجاء. وأمر آخر يؤكد أهمية هذا الموضوع، وهو أن أول نزاع حدث في الأمة هو النزاع في التكفير، فكان أول بدعة حدثت في هذه الأمة بدعة الخوارج المكفِّرة بالذنوب، إضافة إلى أن بدعتهم أظهر البدع ذما في السنة والآثار. وقد اشتمل الكتاب على تمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة، فأما التمهيد فاشتمل على خمسة مباحث تضمنت تعريف الإيمان وما يناقضه، والتكفير المطلق وتكفير المعين والفرق بينهما، وعدم المؤاخذة قبل الإنذار والعذر بالجهل، ومعنى قيام الحجة، وتكفير المتأول، واعتبار المقاصد في نواقض الإيمان. وجاء الباب الأول متعلقا بنواقض الإيمان القولية واشتمل على أربعة فصول تضمنت نواقض الإيمان القولية في التوحيد بأقسامه، وفي النبوات والكتب المنزلة، وما يتعلق بسائر المغيبات، وإنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة. وجاء الباب الثاني متعلقا بنواقض الإيمان العملية واشتمل على فصلين تضمنا نواقض الإيمان العملية في التوحيد كالشرك في العبادة والحكم بغير ما أنزل الله والإعراض التام عن دين الله، ومظاهرة المشركين على المسلمين، كما تضمن نواقض الإيمان العملية في النبوات. وجاء الباب الثالث متعلقا بنواقض الإيمان المختلف فيها، وذلك سواء القولية كسبّ الصحابة أو الاستهزاء بالعلماء والصالحين، أو العملية كترك الصلاة أو السِّحر. ثم أورد الخاتمة والتي جاءت موجزة لكنها غير جامعة للنتائج التي خرج بها البحث، كما لم تشتمل على التوصيات. وقد أثبت المؤلف فهارس تفصيلية، ولكن دار النشر حذفتها بموافقته إيثارا للاختصار، مكتفية بفهرسي المصادر والمراجع، والموضوعات. وقد امتاز الكتاب بالتركيز على النواقض المعاصرة بالإضافة للنواقض التي وجدت في تاريخ الأمة ولا تزال شائعة إلى يومنا هذا، كما حرص الكاتب على الالتزام بمنهج أهل السنة والجماعة، مع الاعتماد على المصادر الأصلية وتوثيق الأقوال التي يرجع إليها، إلا إنه قد أكثر جدا من النقول العلمية في المتن، ولو أنه قام بصياغة المسائل مع الإحالة للمصادر في الكثير من المسائل لكان أولى.