أصل هذا الكتاب حلقات ألقاها المؤلف عبر أثير إذاعة القرآن الكريم بالسعودية. وهي تعالج مشكلة تدني المستوى اللغوي للقراء والمتحدثين والكُتَّاب باللغة العربية مما له أثره السلبي على دراسة القرآن الكريم. ويرى المؤلف أن سبب ذلك يرجع إلى وجود شعور لدى الكثيرين بالقدرة على التعبير والتذوق دون الحاجة إلى تعلم علوم اللغة العربية بدعوى أن المستمعين فقدوا الإحساس باللحن وأن الفكرة عندهم أولى من صحة الأسلوب وجودته. وقد استهل المؤلف كتابه بكلام عن أهمية اللغة العربية في الدعوة وهو كلمة ألقاها في مؤتمر "الدعوة الإسلامية في دول شرق آسيا، الواقع والمستقبل" عرف فيه مصطلح العرب، وفضائل اللغة العربية، وأهميتها للداعية، ومنزلتها بالنسبة للعقيدة والتفسير والحديث والفتيا، وحكم تعلمها. ثم شرع المؤلف بعد ذلك في اختيار مجموعة من الآيات رتبها في الغالب على ترتيبها في المصحف، مع بيان الأسرار اللغوية والبلاغية التي اشتملت عليها هذه الآيات. ويورد المؤلف في الآية التي اختارها عدة وقفات في نظمها، ويذكر أقوال اللغويين لا سيما من المتقدمين فيها بل واختلافهم أحيانا مع ترجيحه المعلل لقول بعضهم على بعض. وتتنوع الوقفات في الآيات بين الوقفات النحوية كالنداء والتعريف والتنكير والتضاد وأزمنة الأفعال والشرط وغيرها، والوقفات البيانية كالتشبيه والاستعارة والكناية والاستفهام والنفي والتقديم والتأخير والعطف، والوقفات الصرفية كالزيادة في المبنى واللازم والمتعدي من الأفعال. ويوازن أحيانا المؤلف بين الآيات المتشابهة مجتهدا في إيراد أسرار اختلاف بعض الحروف والألفاظ بين هذه الآيات. ويستشهد كذلك بشواهد من شعر العرب. ويسمي وقفاته تلك نظرات تارة، وفوائد تارة أخرى، وتأملات تارة ثالثة ومعاني تارة رابعة. ومن منهجه أيضا أنه يورد بعض الإشكالات على المفسرين ويجيب عنها مستشهدا بكلمات للنحويين. والوقفات بعامة مليئة بالفوائد التي تبرز الروعة الأسلوبية في كلام الله تعالى والتي لا يمكن الظفر بها والوقوف على بدائعها إلا بزاد وافر من دراسة مكنونات اللغة العربية، ولكن هذه الوقفات غير منتظمة على منهج واحد فهي أقرب للهدايات أو الخواطر المحصورة في باب اللغة والبيان دون أن تنتظم في عقد واحد. ويصف المؤلف الهدف من وقفاته في مقدمة كتابه قائلا: "أؤمل أن تحقق هذه النظرات المرجو منها فتوقظ القلوب وتفتق الأذهان وتشرع الأبواب للولوج في هذا البحر العجيب؛ فهو ميدان فسيح خلاب وطريق بديع شائق، ما سلكه من سالك إلا كانت السعادة مركبه والأنس رفيقه".