يصنف هذا الكتاب ضمن فروع الفقه على المذهب الشافعي. وهو في حقيقته شرح لكتاب "منهاج الطالبين وعمدة المفتين" للإمام أبي زكريا النووي (٦٧٦ه). وتتجلى أهمية الكتاب أولا في قيمة أصله (المنهاج) الذي اشتهر باحتوائه جل مقاصد مذهب الإمام الشافعي. ثم إن المصنف "شمس الدين الرملي" اشتُهر بالشافعي الصغير، ولقَّبه البعض بمجدد القرن العاشر. ولقد اتفق متأخرو الشافعية على أن معتمد المذهب الشافعي الذي لا يجوز الخروج عليه هو ما رجحه الإمامان "الرملي" في (النهاية) و"ابن حجر الهيتمي" في (التحفة). ويهدف الرملي من كتابه إلى تبيين معاني (المنهاج)؛ فقد بيَّن ألفاظه، وأورد الأحكام مفصلة، والفروع مشروحة، وأطنب فيه أحيانا حيث يقتضي المقام، وذكر فيه بعض القواعد والفوائد الفقهية، واقتصر فيه على المعمول به في المذهب من الأقوال الراجحة تبعا للإمام النووي، وأردفه ببعض الفتاوى عن والده وغيره من المفتين، وذكر الأدلة باختصار. يقول السيد عمر البصري عن أسلوب الكتاب: "في الربع الأول يماشي الخطيب الشربيني -أي في كتابه (مغني المحتاج)، ويوشح من (التحفة) ومن فوائد والده وغير ذلك، وفي الثلاثة الأرباع يماشي (التحفة) ويوشح من غيرها". ولقد أوضح الرملي منهجه في مقدمة كتابه فقرر عكس ما قرره الهيتمي في (التحفة) حيث قرر أن الراجح من الأقوال ما نص على رجحانه، وإلا فما عُلم تأخره. وقد التزم الشرح في محتواه بكتب الفقه الواردة في (المنهاج) وهي: الطهارة، الصلاة، صلاة الجماعة، الجنائز، الزكاة، الصيام، الاعتكاف، الحج، البيع، السلم، الرهن، التفليس، الشركة، الوكالة، الإقرار، العارية، الغصب، الشفعة، القراض، المساقاة، الإجارة، إحياء الموات، الوقف، الهبة، اللقطة، اللقيط، الجعالة، الفرائض، الوصايا، الوديعة، قسم الفيء والغنيمة، الصدقات، النكاح، الصداق، القسم والنشوز، الخلع، الطلاق، الرجعة، الإيلاء، الظهار، الكفارة، اللعان، العدد، الاستبراء، الرضاع، النفقات، الجراح، الديات، دعوى الدم والقسامة، البغاة، الردة، الزنا، حد القذف، قطع السرقة، الأشربة، الصيال وضمان الولاة، السير، الجزية، الهدنة، الصيد والذبائح، الأضحية، الأطعمة، المسابقة والمناضلة، الأيمان، النذر، القضاء، الشهادات، الدعوى والبينات، العتق، التدبير، الكتابة، أمهات الأولاد. وقد كتب العلماء الحواشي على هذا الشرح منها: حاشية أبي الضياء نور الدين بن علي الشبراملسي الأقهري (١٠٨٧هـ) وحاشية أحمد بن عبد الرزاق المعروف بالمغربي الرشيدي (١٠٩٦هـ). ويستمد الكتاب في مصادره من (شرح الإرشاد) الكبير لابن حجر الهيتمي، وعلى كثير من شروح (الروضة) كـ(مغني المحتاج) للخطيب الشربيني، و(تحفة المحتاج) لابن حجر أيضا. ويؤخذ على الكتاب بعض المسائل المشكلة التي انفرد بها عن (التحفة) يظهر ضعفها ولعلها سهو من المؤلف؛ مثل: مسألة الكافر إذا أسلم وأراد قضاء ما فاته من الصلوات في زمن الكفر لا تنعقد صلاته، ومسألة الأفضل تأخير السعي عن طواف القدوم، ومطلب صلاة ركعتين بعد السعي بدعة، ومسألة لا يُكره الركوب في السعي اتفاقا... وغير ذلك من المسائل.