عمدة الطالب لنيل المآرب أحد كتب متون الفقه الحنبلي، ألفه أبو السعادات منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس البهوتي الحنبلي، وهو من أعلام الحنابلة في القرن الحادي عشر، وشيخ الحنابلة بمصر في وقته. وله العديد من المصنفات المهمة في المذهب الحنبلي. والكتاب متن فقهي مختصر في فقه الإمام أحمد بن حنبل للمبتدئين، وهو آخر ما صنفه الشيخ منصور من كتب، فجاء هذا المتن بعد شرحه للإقناع والمنتهي وزاد المستقنع وغيرها من أمهات كتب الفقه في المذهب، فأودع في هذا المتن خلاصة فقهه وتحقيقه وتجربته الطويلة في المذهب الحنبلي. ويحوي الكتاب ستة وعشرين فصلا في أهم مسائل فقه الإمام أحمد، مرتبة على الترتيب المشهور بين الفقهاء، فبدأ بكتاب الطهارة وانتهى بالإقرار. ويمتاز الكتاب بسهولة العبارة ووضوحها، وعدم التعقيد في التراكيب اللغوية، مع الاختصار المتقن الذي لا يصدر إلا من عالم محقق. قال عنه عبد القادر بن بدران الدمشقي: "مختصر لطيف للشيخ منصور البهوتي وضعه للمبتدئين"، وقال: "فالواجب الديني على المعلم إذا أراد إقراء المبتدئين أن يقرئهم أولا كتاب أخصر المختصرات أو العمدة "للشيخ منصور" متنا إن كان حنبليا". وقد اعتنى العلماء بهذا المتن من حيث الشرح والإقراء والتحقيق. فقد قرأ الشيخ عثمان بن محمد الرحيباتي بعض المتن على الإمام السفاريني، كما عده الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد من كتب المذهب المعتمدة. ومن شروح المتن المهمة "هداية الراغب بشرح عمدة الطالب" للشيخ عثمان بن أحمد بن قائد النجدي" وهو "شرح مفيد سلسل العبارة قريب التناول، بحث فيه بحوثا مفيدة مع إيراد الأدلة ومن تأمله وجده الضالة المنشودة في حسن العبارات ووضوحها" كما قال فيه الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ. ويعد الكتاب آخر ما صنف البهوتي من كتب، فإن بين تصنيف هذا الكتاب ووفاته سبعة أشهر فقط، فإن الشيخ قد فرغ منه في شوال من سنة 1050هـ، وتوفي في ربيع الثاني سنة 1051هـ، أي أنه صنف هذا الكتاب بعد أن شرح كتب المذهب المعتمدة، فقد شرح «الإقناع» وحشَّى عليه، وشرح «المنتهى» وحشى عليه، وشرح «نظم المفردات»، وشرح «زاد المستقنع»، ثم صنف هذا المتن وأودعه خلاصة فقهه وتحقيقه وتجربته الطويلة في المذهب الحنبلي. وقد قام الشيخ مطلق بن جاسر في تحقيقه بجهد طيب، من نسخ المخطوطات ومقابلة كل منها ووضع العناوين الجانبية والتعليق على بعض المواضع لشرح الغريب أو توضيح المعنى، وتخريج أحاديثه والآثار الواردة فيه تخريجا مختصرا، إلى جانب التقديم للمتن بمقدمة فيها بيان أهميته وترجمة للناظم وما إلى ذلك.