متن أصول الإيمان يعد أحد الرسائل الهامة للإمام محمد بن عبد الوهاب في العقيدة، جمع فيه الإمام المجدد رحمه الله الأحاديث التي في الإيمان - الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره - وما يتصل بذلك من أمور، فجمع أحاديث متنوعة تُعد أصولًا في هذا المبحث العظيم مبحث الإيمان. والمتن هو ضمن سلسلة رسائل قصيرة وضعها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الإمام المجدد الذي نشر دعوة التوحيد في الجزيرة العربية، وتتضمن هذه الرسائل كتاب التوحيد، ثلاثة الأصول، القواعد الأربع، أصول الإيمان، كشف الشبهات.. ومتن أصول الإيمان عبارة عن مجموعة منتقاة من الآيات والأحاديث مرتبة على الأبواب: باب معرفة الله عز وجل والإيمان به، باب قول الله تعالى حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق، باب قول الله تعالى وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، باب الإيمان بالقدر، باب ذكر الملائكة عليهم السلام والإيمان بهم، باب الوصية بكتاب الله عز وجل، باب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم، باب تحريضه صلى الله عليه وسلم على لزوم السنة والترغيب في ذلك وترك البدع والتفرق والاختلاف والتحذير من ذلك، باب التحريض على طلب العلم وكيفية الطلب، باب قبض العلم، باب التشديد في طلب العلم للمراء والجدال، باب التجوز في القول وترك التكلف والتنطع. ويتميز المتن بالاختصار وحسن اختيار النصوص والتبويب، وتفصيله في مسائل الأسماء والصفات.ويمتاز المتن بقوة العبارة ووضوحها، وإيراد الأدلة من القرآن والسنة الصحيحة، وبيان عقيدة أهل السنة بغير إفراط أو تفريط. وقد خلا المتن من تعقيدات متون الاعتقاد عند المتكلمين، وجفاف متون أخر عند أهل السنة.ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب عموما تمتاز بالاختصار وجريانها على نمط متون المتقدمين المحققة، وتقريرها عقيدة أهل السنة اتباعا لأئمة السنة مالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، والأئمة المجددين من بعدهم ابن تيمية وابن القيم، والشيخ حنبلي المذهب إلا أنه لم يتقيد به إذا ترجح له الدليل، فضلا عن اتباعه أهل السنة في أصول الدين بلا تعصب لإمام.وقد أكد الشيخ في كتاباته ودعوته على ضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة، وعدم قبول أي أمر في العقيدة ما لم يستند إلى دليل مباشر، واعتماد منهج أهل السنة والجماعة في فهم الدليل والبناء عليه، ودعا إلى تنقية مفهوم التوحيد، مطالبا المسلمين بالرجوع به إلى ما كان عليه المسلمون في الصدر الأول للإسلام. فعملت دعوة الإمام المجدد رحمه الله على إيقاظ الأمة الإسلامية فكريا بعد أن عانت زمنا طويلا من التخلف والخمول، والتقليد الأعمى. كما اعتنى بتعليم العامة، وتفتيح أذهان المثقفين منهم، ولفت أنظارهم إلى البحث والدليل، ودعوتهم إلى التنقيب في بطون أمهات الكتب والمراجع قبل قول أية فكرة، فضلا عن تطبيقها. فكان رحمه الله فارس الميدان في تصحيح ما وقع من خلل في اعتقاد الناس في الأزمنة المتأخرة، بأقصر العبارات، وأوضح الاستدلالات، فأسلوب ابن عبدالوهاب في أغلب رسائله يعتمد على المباشرة في الخطاب، وقلة مباني الخطاب بشكل لا يخل بالمقصود، ومراعاة حال المخاطب، وكان أغلبهم عوام، وجهالا، أو متلبسين بشرك زينه لهم عباد جهال، أو علماء سوء وفتنة. ولهذا تميزت كتاباته بشدة تعلقها بقضايا الواقع والشبهات المثارة فيه، لأن غايته رحمه الله كانت تصحيح تلك الانحرافات وإحياء عقيدة أهل السنة في بلده، والدعوة إلى التوحيد بصفائه. وكتابات الشيخ، بالرغم من أن لغتها العربية متأثرة بلهجة أهل نجد، إلا أنها واضحة مستقيمة، وتمتاز عن كتابات أبنائه وأحفاده - المتنوعة والمتباينة أحيانا - بالضبط والجزالة، وتصطبغ بصبغة الشيخ التي تجمع بين الدعوة للحق والرحمة بالخلق.