ينتمي هذا الكتاب إلى الكتب المعاصرة في العقيدة، والتي تتناول باب الابتداع ومعرفته وصفته. ويهدف المصنف من كتابه إلى وضع ضوابط جلية لمعنى البدعة ورسم معالم بينة لحدودها وما يدخل فيها وما لا يدخل. وتتبين أهمية هذا الموضوع في إمكانية الحكم على آحاد البدع وأعيانها عندما ترد كل بدعة إلى قواعدها الكلية، ثم إن ضبط هذه البدع المنتشرة وإجمال الأحكام الكثيرة المتعلقة بها أوعى لحفظها وأدعى لرسوخها. كل ذلك جعل من هذا الكتاب مدخلا نافعا لطالب العلم في باب البدعة، وإن كان لا يغني عن غيره في باب البدعة ككتاب "حقيقة البدعة" لسعيد الغامدي. وقد دفع الكاتب إلى إفراد هذا الموضوع بالتصنيف ما رآه من كثرة اضطراب الناس في الأصول والفروع حيث زعم كل فريق أن طريقه هو السنة وطريق مخالفه هو البدعة، ثم إنه يحكم على مخالفه بحكم المبتدع. وقد رأى الكاتب أن الناس في هذا الباب فريقان: فريق بالغ في التبديع ووسَّع في مسمى البدعة فأدخل فيها ما ليس منها وقصر مسمى الشريعة على ما عرفه من النوازل والأحكام. وفريق تساهل في الأخذ بالبدعة وتوسَّع في ارتكابها حتى أخرج منها بعض أفرادها، فجعل باب الابتداع ضيقا لا يدخل فيه سوى البدع الأمهات وكبائر المحدثات، وربما أدخل الكثير من البدع والمحدثات ضمن مسائل الشريعة والسنة. أما عن تقسيم محتوى الكتاب، فقد قسمه المصنف إلى مقدمة عن حد البدعة لغةً وشرعا، ثم العلاقة بين البدعة وبين كل من الإحداث، والسنة، والمعصية، والمصلحة المرسلة، وخصائص البدعة، وأمور لا تشترط في البدع. ثم حصر الأصول الجامعة للابتداع في ثلاثة أصول رتب القواعد تحتها في تجميع فريد؛ فأما عن الأصل الأول فهو التقرب إلى الله بما لم يشرع، وتحته عشر قواعد، وأما عن الأصل الثاني فهو الخروج عن نظام الدين، وتحته ثمانية قواعد. وأما عن الأصل الثالث فهو الذرائع المفضية إلى البدعة، وتحته خمس قواعد. ويقول المصنف: "وبعد إطالة النظر وإمعان الفكر فيما حرره أهل العلم في باب البدع والمحدثات اجتمع لديَّ ثلاث وعشرون قاعدة، عليها يقوم الابتداع في الدين، وإليها يؤول الإحداث المشين". أما عن أسلوب المصنف فهو قد رتب الكلام على العناصر التالية: رقم القاعدة، ونص القاعدة، والأمثلة التطبيقية على القاعدة، وقد اقتصر منها على القدر الذي يُجلّي القاعدة ويصورها، من غير استكثار أو استقراء لآحاد البدع وأعيان المحدثات المندرجة تحت كل قاعدة، وإذا كانت القاعدة ذات أمثلة متعددة فإنه يصف هذه الأمثلة تحت صور كلية تجمع شتاتها. كذلك قام المؤلف بتوضيح القاعدة، ويتضمن هذا التوضيح: شرح القاعدة ، وبيان ما تنبني عليه من الأصول والقواعد، وما يتصل بها من الضوابط والفوائد، إضافة إلى إثبات كلام أهل العلم حول القاعدة، وربما استدعى المقام في بعض القواعد بعض الإطناب والإطالة في الشرح. وقد استعان المصنف بمراجع بلغت سبعين مرجعا مما يدل على سعة مصادره.