يصنف هذا الكتاب ضمن المختصرات على المذهب الشافعي. وهو في حقيقته مختصر لكتاب "العزيز في شرح الوجيز" للإمام عبد الكريم الرافعي (٦٢٣ه) الذي يعد أوسع الشروح وأفضلها لكتاب "الوجيز" لأبي حامد الغزالي (ت٥٠٥ه). ويذكر النووي السبب الذي دعاه إلى اختصاره فيقول عن أصل شرح الرافعي: "وقد عظم انتفاع أهل عصرنا بكتابه لما جمعه من جميل الصفات، ولكنه كبير الحجم لا يقدر على تحصيله أكثر الناس في معظم الأوقات. فألهمني الله سبحانه -وله الحمد- أن أختصره في قليل من المجلدات". ومن ثم كان النووي يهدف من اختصاره تسهيل الطريق إلى الانتفاع بشرح "العزيز" لأهل العلم، لذلك جعل كتابه وسطا حيث تجنب الإطناب الممل والإيجاز المخل، مع الاستيعاب التام لما جاء في الأصل من الأحكام. وللكتاب أهمية بارزة في المذهب الشافعي؛ وهي ترجع إلى كون أقوال النووي معتبرة بين جمهرة من العلماء، مع كون أكثر الكتب التي أُلِّفت بعده في المذهب تنقل عنه. ففي الروضة خلاصة المذهب الشافعي، مما جعل العلماء يعتنون به شرحا واختصارا وتحشية وتعقيبا. وقد التزم النووي في أسلوب اختصاره ترتيب الأصل إلا نادرا، وساق في الغالب عبارته مع تغيير طفيف يتطلبه الاختصار، أي أن كون المسألة مذكورة في "الروضة" لا يعني أنها مذكورة في شرح "العزيز"، لأن اختصار النووي ليس اختصارا متقيدا باللفظ، بل هو اختصار للمضمون مع زيادات وتعديلات. وتبعا لذلك فقد حذف الأدلة التي وردت في الأصل مع الإشارة إلى الخفي منها. كما أنه ذكر مواضع يسيرة على الإمام الرافعي فيها استدراكات ترجع إلى بعض الأمور؛ منها: مخالفته أحيانا لما عليه الجمهور، وقطعه بالحكم أحيانا وهو غير مقطوع به، واختياراته الخاصة المخالفة للمعتمد في المذهب، وإطلاقه وجهين دون الترجيح بينهما، ونقل وجه ضعيف أو شاذ، وحكاية الطرق بدون تحديد. وللنووي مصطلحات في كتابه يقول عنها في المقدمة: "وحيث أقول: على الجديد فالقديم خلافه، أو القديم فالجديد خلافه، أو : على قول أو وجه فالصحيح خلافه، وحيث أقول: على الصحيح أو الأصح فهو من الوجهين، وحيث أقول: على الأظهر أو المشهور فهو من القولين. وحيث أقول: على المذهب فهو من الطريقين أو الطرق .وإذا ضعف الخلاف قلت: على الصحيح أو المشهور، وإذا قوي قلت: الأصح أو الأظهر، وقد أصرح ببيان الخلاف في بعض المذكورات". ومن هنا يتضح أن النووي سلك في كتابه منهجا وصفيا إذ استوعب جميع مسائل الفقه في الكتاب حتى الوجوه الغريبة المنكرة، واقتصر على الأحكام دون المؤاخذات اللفظية، وضم إليه في أكثر المواطن تفريعات وتتمات. وحيث كان ترتيب الروضة على أصل الشرح، فإن محتواه تضمن كتب: الطهارة، والتيمم، والحيض، والصلاة، والزكاة، والصيام، والاعتكاف، والحج، والبيع، والسلم، والقرض، والرهن، والحجر، والصلح، والحوالة، والضمان، والشركة، والإقرار، والعارية، والغصب، والشفعة، والقراض، والمساقاة، والإجارة، والجعالة، وإحياء الموات، والوقف، والهبة، واللقطة، والفرائض، والوصايا، والوديعة، والفيء، والغنائم، والصدقات، والنكاح، والطلاق، والرجعة، والإيلاء، والظهار، والكفارات، واللعان، والرضاع، والنفقات، والديات، والأيمان، والنذور، والقضاء، والشهادات، والدعاوى، والبينات، والعتق. وقد اعتمد النووي في مراجع الكتاب على "الرسالة القشيرية" لأبي القاسم القشيري.