هذا الكتاب القيم للشيخ صالح الفوزان العلامة الفقيه والأستاذ الجامعي السعودي وهو عضو في هيئة كبار العلماء، وإمام وخطيب جامع الأمير متعب بن عبد العزيز وعضو في المجمع الفقهي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي. ويتناول هذا الكتاب شرحًا للمتن العقدي الشهير "لمعة الاعتقاد" للإمام ابن قدامة المقدسي، ولمعة الاعتقاد هو متن مستوعب لمسائل عقيدة أهل السنة والجماعة، وضعه الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي، إمام الحنابلة في عصره، صاحب المغني وروضة الناظر. وقد أراده مؤلفه رحمه الله تعالى - كما يظهر من الاسم - أن يكون لمعة تبين الطريق، أو أراده أن يكون بمثابة بُلغة للسالكين من الاعتقاد الصحيح المطابق لمذهب السلف رضوان الله عليهم. وقد ابتدأ المؤلف متنه بتقرير وجوب الإيمان بكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من صفات الرحمن وتلقيه بالتسليم والقبول، وتضمن تقرير عقيدة السلف في الأسماء والصفات، مع ذكر أقوال الصحابة كابن مسعود والأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق وعدل كالإمام الأوزاعي وأحمد بن حنبل والشافعي ومالك، وتقرير أن القرآن كلام الله، ورؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، ثم الكلام على سائر أركان الإيمان ومنها القضاء والقدر، وأن الإيمان قول وعمل. وقد أكد المصنف في متنه على وجوب الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ وصح به النقل عنه فيما شاهدناه، أو غاب عنا، وذكر كثيرا من أمور الإيمان كأشراط الساعة ونحوها، وبين عقيدة أهل السنة أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأن أفضل الأمة بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. وذكر مسائل أخر صدرها بقوله "ومن السنة كذا وكذا".وقد جمع المؤلف في هذه الرسالة معتقد أهل السنة والجماعة في إثباته لصفات الله عز وجل كما جاءت في القرآن أو على لسان النبي بدون تحريف أو تأويل أو تعطيل أو تمثيل، كما أن الرسالة احتوت على الإيمان بالقضاء والقدر، والرد على من أنكر القدر، واحتوت أيضا على مسائل الإيمان، واليوم الآخر، والمعتقد في أصحاب رسول الله ﷺ. وقد قسم ابن قدامة كتابه على سبعة أبواب: كلام الله، القرآن كلام الله، رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، القضاء والقدر، الإيمان قول وعمل، الإيمان بكل ما أخبر به الرسول، محمد خاتم النبيين.والمصنف رحمه الله في حديثه عن الصفات تميز بما يلي: أنه يقتصر على ذكر إثباتها وأن السلف يثبتونها ويستدل على ذلك ولا يذكر مذاهب المعطلة في الصفات، ثم هو يختصر غالبا فلا يذكر إلا دليلا واحدا لكل صفة ما عدا بعض الصفات التي ذكرها في آخر بحثه. فقد وضع متنه لبيان مذهب السلف بالأدلة وهو مقصوده من التصنيف.وقد ضرب مؤلف هذا المعتقد بسهم وافر في السير على طريقة السلف وأئمة المحدثين في هذا الباب، فتراه قد ملأ كتابه بالآيات القرآنية والنصوص الحديثية وأقوال الصحابة وأقوال الأئمة الأعلام. فقد كان رحمه الله حسن الاعتقاد، عابدًا على قانون السلف، إمامًا في العلم والعمل. وكان لهذا المعتقد السليم أثر بالغ في حياته حتى قالوا عنه: من رآه كأنه رأى بعض الصحابة. وقد نقل العلامة ابن القيم في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية فقرة من هذا المعتقد وصدر ذلك بقوله: قول شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد المقدسي الذي اتفقت الطوائف على قبوله وتعظيمه وإمامته خلا جهمي أو معطل.وقد عني بشرح اللمعة عدد من المصنفات المعاصرة، منها هذا الذي بين أيدينا. والباعث على تأليف الشيخ لشرح "لمعة الاعتقاد" الحاجة إلى بيان العقيدة الإسلامية بشكل مفصل وواضح، حيث قام الشيخ بشرحه لطلبته، ثم قام المعتني بتفريغ هذا الشرح من الأشرطة المسجل عليها؛ ليكون كتابا يعم نفعه ويسهل، مع إلحاق ببعض الأسئلة العقدية التي أجاب عنها الشيخ مقرونة بأجوبتها بآخر الكتاب، إلى فهارس علمية متنوعة. وقد أدرج الشيخ في المقدمة ترجمة موجزة لموفق الدين ابن قدامة؛ ثم شرع في شرح المسائل التي تناولها المتن. ويعد الكتاب شرحا متوسطا للمتن، وقام بالاعتناء بالكتاب والاشراف على طباعته وتنقيحه الشيخ عبد السلام بن عبد الله السليمان.