تتناول هذه الرسائل موضوع غربة المؤمنين لا سيما في هذا الزمان باعتبار غربة كثير من شرائع الإسلام. فكان الهدف من الكتاب إبراز معنى الغربة ولوازمها ومقتضياتها وخصائصها وأحكامها حتى يكون المؤمن في غربته متأسيا بالغرباء الأوائل غير حائد عن منهجهم. ومن هنا تبرز أهمية معرفة الغربة الأولى وأسبابها وصورها وكيفية دفعها، مما يرسم أمام المسلم الطريق الصحيح لدفع الغربة في كل مكان وزمان. وقد طالع الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الجزء الرابع من السلسلة، ومما قاله عنها: "فقد اطلعت على الكتاب الموسوم بـ”العزلة والخلطة: أحكام وأحوال”، من مؤلفات أخينا في الله العلامة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة، فألفيته كتابا قيما، كثير الفائدة في موضوعه… فجزاه الله خيرا، وضاعف مثوبته، ونفع المسلمين بهذا الكتاب، وجعله عونا لهم على كل خير، وإني أنصح طلبة العلم بقراءته والاستفادة منه). وقد ألَّف الكاتب كتابه في أواخر الثمانينات وبدايات التسعينيات من القرن الماضي وهو كما وصفه الشيخ: "أسلوب جديد في دراسة السيرة النبوية". وقد دعا الكاتب إلى تصنيف كتابه جدة الموضوع زمن كتابته عدا رسائل مختصرة كرسالة الآجري وابن رجب، إضافة إلى أهمية الموضوع الواقعية. وكان منهج هذه الدراسة منهجا حديثيا يُعنى بتأصيل قضايا الغربة تأصيلا شرعيا ببيان أدلتها وأصولها من الكتاب والسنة. ولذلك أهميته في زمن وجد فيه متحمسون كثيرون للإسلام مع مجانبة معظمهم للمنطلقات الصحيحة. وقد حرص الكاتب على استيعاب الموضوع من مظانه غير مكتف بالفهارس والعناوين، فهو يقول في خطته: "فرتبت برنامجًا لقراءتها –أي دواوين السنة- بدءًا بالصحيحين، ثم السنن الأربع، ثم الدارمي والموطأ، ثم المطبوع من صحيح ابن خزيمة، ثم صحيح ابن حبان بواسطة (الإحسان) لعلاء الدين الفارسي (المطبوع منه)، ثم مستدرك الحاكم، وسنن البيهقي، ومشكل الآثار للطحاوي (المطبوع منه)، ثم كتب الزوائد: موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان…، وكشف الأستار عن زوائد البزار، ومجمع الزوائد…، والطبراني في معاجمه الثلاثة، وأبي يعلى (ومعها زوائد البزار)…". هذا إضافة إلى ما قرأه من كتب في العقيدة والزهد وفضائل الصحابة مع تسجيله النصوص المتعلقة بموضوع البحث. أما عن أسلوبه في الكتابة فقد جمع أهم النصوص الحديثية المتعلقة بالموضوع، وقسمها إلى مجموعات بحسب عناصر الموضوع وفقراته، ثم درس الموضوع من خلال هذه النصوص -مع ضم ما قد يتعلق به من الآيات القرآنية، إن وجدت-، والاعتماد في ذلك على آراء العلماء السابقين وأقوالهم، إذا وقفت على شيء منها -بعد البحث-. فإن لم يتيسر ذلك اجتهد فيها بما لا يخرج عن جو النص ودلالته. ثم إنه أطال النفس في الخلاصات والنتائج وربطها بجوانبها الواقعية ما أمكن، رغبة في النـزول بالبحوث والدراسات الشرعية إلى ميدان الحياة العملي. وهو في كل هذا ينقل توثيقات الأحاديث إلى مصادرها الأصلية، ويراعي الاختصار في حديثه عن رجال السند. أما عن موضوعات الرسائل، فيقول عنها الكاتب: "الرسالة الأولى: [الغرباء الأولون] وفي مقدمتها تمهيد عن معاني الغربة، ثم تخريج الحديث "بدأ الإسلام غريبًا..." ثم الكلام عن غربة الإسلام الأولى: أسبابها، مظاهرها، كيفية مواجهتها. الرسالة الثانية: [صفة الغرباء] وتشمل الحديث (الفرقة الناجية) ثم (الطائفة المنصورة) ثم (العلاقة بين الغرباء، والفرقة الناجية، والطائفة المنصورة). الرسالة الثالثة: [من وسائل دفع الغربة] وتشمل (الصبر والثبات) ثم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ثم (الجهاد). الرسالة الربعة: [العزلة والخلطة] ويدخل فيها أيضًا- الكلام على التقية والاستسرار بالدين".