كتاب "تبيين الحقائق" للعلامة فخر الدين الزيلعي، وهو أحد علماء القرن الثامن الهجري، وبلدة زيلع هي بلدة ساحلية تقع في الصومال، والإمام قد قدم القاهرة في أوائل القرن الثامن عام 705 فأفتى ودرس، وتوفي فيها، والكتاب هو شرح لمتن "كنز الدقائق" وهو مشهور بـ "الكنز" أيضا وهو للعلامة حافظ الدين النسفي، ويشتهر شرح الزيلعي بـ "التبيين" و بـ "تبيين الكنز"، ويعد شرح الزيلعي من أوائل شروح الكنز، وهو من الشروح المعتمدة، وقد استفاد منه من بعده، وقد أفصح الزيلعي عن غرضه ومقصده فقال: (فإني لما رأيت هذا المختصر المسمى بكنز الدقائق أحسن مختصر في الفقه، حاويا ما يحتاج إليه من الواقعات، مع لطافة حجمه لاختصار نظمه، أحببت أن يكون له شرح متوسط يحل ألفاظه، ويعلل أحكامه، ويزيد عليه يسيرا من الفروع مناسبا له مسمى بتبيين الحقائق؛ لما فيه من تبيين ما اكتنز من الدقائق وزيادة ما يحتاج إليه من اللواحق)، ومن ثم فقد تناول الزيلعي شرح الكتاب كاملا في ستة مجلدات وسار فيها على وفق ترتيب الكنز متناولا فيه كافة الأبواب الفقهية، وقد جاءت عبارة سهلة خالية من التعقيدات، وعادة ما يذكر في مطلع كل كتاب أو باب المعنى اللغوي والشرعي، مع عطف ذلك بذكر الأركان والشروط ونحو ذلك، وقد اهتم الشارح بذكر المسائل الخلافية داخل المذهب، كما تطرق للخلاف مع الشافعي كثيرا، وللمذاهب الأخرى أحيانا، مع ذكر الأدلة على ما يقول من الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمناقشات عليها، بالإضافة إلى ذكره لمحل الخلاف وسببه وثمرته، كما يورد الإشكالات والجواب عنها، مع تصوير المسائل وذكر نظائرها من نفس الباب أو الأبواب الأخرى، وربط المسائل بالضوابط والقواعد الفقهية والأصولية، كما اهتم بالأحاديث اهتماما واضحا؛ حيث كان يكثر من الاستدلال بها، وغالبا ما يذكر مخرجيها، وأحيانا يبين حكمها، وفي بعض المواطن كان يتكلم عن رجال الحديث وما قيل فيهم، وغالبا ما يذكر مصادره في ذلك. والنسخة التي بين أيدينا قديمة وغير محققة، والكتاب يفتقر إلى تحقيق جيد.