هذا الكتاب هو شرح لكتاب "جامع الأمهات". ويعد الأخير أصلا من أصول المالكية التي عليها الاعتماد في المذهب، والذي قال عنه كمال الدين الزملكاني: "ليس للشافعية مثل مختصر ابن الحاجب للمالكية". مما جعل كثير من العلماء ينكبون على شرحه والتعليق عليه وتوضيح أعلامه ومصطلحاته. ولكن تكمن أهمية "تنبيه الطالب" على وجه الخصوص في كونه قد اهتم بلغة الفقه وغريب الألفاظ في "جامع الأمهات". وكان لابن عبد السلام ولوع شديد بجامع الأمهات، ومن مظاهر ذلك: دراسته للكتاب وقراءته في تسعين يوما على شيخه الجمال الأقفهسي، ورحلته إلى الإسكندرية بحثا عن أصل ممتاز يصحح عليه نسخته من جامع الأمهات، واطلاعه على أكثر من نسخة له. ثم إنه وضع ثلاثة مؤلفات على هذا الكتاب: "غنية الراغب في تصحيح ابن الحاجب" و"التعريف بالرجال المذكورين في جامع الأمهات لابن الحاجب" و"تنبيه الطالب لفهم ابن الحاجب". وقد تميز كتابه الأخير الذي بين أيدينا أنه اتخذ في ترتيب كتابه منهجا مختلفا عن مناهج كتب غريب الفقه؛ فجمع بين منهجي هذه الكتب سواء منها من تتبع ترتيب أبواب الفقه المشهورة بدءا بكتاب الطهارة ثم كتاب الصلاة ثم كتاب الزكاة فكتاب الصيام وهكذا. أو من سار على منهج أصحاب المعاجم في ترتيب المادة اللغوية. فجمع بينهما الأموي بأخذه من مدرسة التبويب الفقهي اعتماده على ألفاظ كتاب "جامع الأمهات" لابن الحاجب المرتب على أبواب الفقه، وأخذ من المدرسة المعجمية ترتيب المواد على الهجائية العربية: أ-ب-ت-ث-ج-ح-خ... مثل نظام المصباح المنير، غير أنه وضح الألفاظ كما هي، ولم يجرد المادة من زوائدها باستثناء (أل) التي للتعريف. وجعل الحرف الأول بابا، والثاني فصلا، فيقول مثلا: باب الميم فصل الألف: المأبون - المأتم - الماجشون - غير المأذون - المارن - المازري - المأزمان - الماشية - المال - مالك - المأمن، ثم فصل الباء، وفيه: المباح - المباشرة، ثم فصل التاء، وفيه: متى ما - المتأول، ثم فصل الثاء، وفيه: المثقاب - المثقال. وهكذا حسبما يتفق له من مواد. وقد راعى في الترتيب الحرف الأول ثم الحرف الثاني والثالث مع الأول في أكثر المواد. ويعد من أبرز معالم شرحه الاهتمام بالضبط عن طريق النص بالعبارة غالبا، وأحيانا يذكر وزنا أو مثالا يوضح به الضبط، ثم يأتي المعنى فيحتل المرتبة الثانية عنده بعد الضبط؛ كقوله: الصُّبح بضم الصادِ أولُ النَّهَار. وقوله: الصبِر بكسر الباء مع فتح الصاد: الدواء المر. وهناك اختلاف في تفسير المواد؛ فبينما يستطرد في تفسير بعض المواد، تراه يفسر بعض المواد الأخرى بمرادف واحد أو بعبارة وجيزة؛ كقوله: الصَّوْب: الجهة، وقوله: الصومعة للنصارى. ومن مظاهر شرحه تعليل التسمية، ويستخدمه كثيرا لتوضيح المعنى فلا تكاد تخلو مادة منه؛ كقوله في الكعبة: سميت بذلك لتربيعها، وقوله: المعلومات سميت معلومات لأنها معلومة للذبح. ولم يغفل التنبيه عن بعض الأماكن والبلدان من خلال بعض المواد كعرفة والعراق وفارس. وأشار كذلك إلى بعض الأعلام كأبي عبيدة وابن ميسَّر. وقد خصص كتابه التعريف بالرجال المذكورين في جامع الأمهات لذكر الأعلام الوارده في جامع ابن الحاجب. ولئن كان يُحمد للكتاب كثرة استشهاده بنصوص الكتاب فإنه قد يؤخذ عليه تقلله من إيراد نصوص الحديث الشريف التي لم تبلغ في كتابه سوى أربعة عشر حديثا، كذا تقلله من الشواد الشعرية التي لم يذكر منها سوى سبعة شواهد.