الكتاب يعد مادة دراسية ثرية معدة للطلبة الجامعيين بقسم التاريخ، وقد ألفه أستاذا التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة. وبالرغم من كونه كتابا دراسيا بالأساس إلا أنه نال شهرة لأهمية موضوعه وجمال أسلوبه وتسلسل موضوعاته. والكتاب يؤرخ لحقبة ليست بالقصيرة من تاريخ أوروبا. وبخصوص تحديد الحقبة الزمنية فإن المؤلف يقرر أنه ليس من السهل تحديد تاريخ معين لبداية العصور الحديثة في أوروبا، أي لانتقال أوروبا من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، إذ يختلف المؤرخون والباحثون اختلافا بينًا في ذلك؛ فيرى بعضهم أن القرن الخامس الميلادي بداية العصور الوسطى، بينما يعتبرون القرن الخامس عشر مطلعا للعصور الحديثة. والبعض يذهب إلى أن عملية التطور هذه استغرقت حوالي ستة قرون ما بين القرنين العاشر والخامس عشر الميلاديين، وقد شمل هذا التطور التكوين السياسي الأوروبي، والمجتمع الأوروبي كله، كما شمل النواحي الفكرية وغيرها، وقد أطلق على هذا التغيير الشامل "النهضة الأوروبية" أي البعث أو الولادة الجديدة. وقد كان الباعث على تأليف الكتاب محاولة رصد أهم المعالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على أوروبا في تاريخها الحديث والمعاصر، فقد شهدت أوروبا فى تاريخها الحديث طفرة كبيرة فى العديد من المجالات نتيجة التقدم العلمي، برغم ما شهدته من حربين عالميتين (الحرب العالمية الأولى والثانية) ترتب عليهما تغيير كبير فى خريطة القارة الأوروبية، بالإضافة للآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على أوروبا وغيرها من الدول. وقد قسم المؤلف كتابه إلى ثلاثة أجزاء في مجلد واحد؛ يتناول الجزء الأول من الكتاب أوروبا في القرن الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر؛ بينما يتناول الجزء الثاني الثورة الفرنسية وفترة حكم نابليون بونابرت؛ أما الجزء الثالث فيتناول تاريخ أوروبا المعاصر، حيث يستعرض أحداث القرن التاسع عشر ويمتد بعد ذلك إلى القرن العشرين، فيغطي أحداث الحرب العالمية الأولى، والفترة ما بين الحربين العالميتين ثم أحداث الحرب العالمية الثانية وما تلتها من أحداث.والكتاب يتسم بأسلوبه العلمي الموضوعي وإن كان لا يعزو الحوادث إلى مصادرها، وهو يبرز دور الحضارة الإسلامية في قيام النهضة الأوروبية، ويذكر نقاط القوة والضعف في مسيرة النهضة الأوروبية حتى واقعنا المعاصر، ويعرج عروجا خفيفا على مثالب تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر، من قبيل أنظمة الحكم، والساسة، والحروب، والمعاهدات، والهيئات، وموقف أوربا من المسألة الشرقية (الدولة العثمانية)، في إطار متحفظ جاف في بعض الأحيان كما نرى في كثير من المؤلفات الجامعية الأكاديمية.