كتاب واحد فيه ثلاث رسائل صغيرة. الرسالة الأولى: "رسالة في إعجاز القرآن" للخطابي والتي يعالج فيها السبب الحقيقي الذي جعل القرآن معجزا وهو مجيؤه بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف متضمنا أصح المعاني من توحيد وتحليل وتحريم، فهو يقرر أن بلاغات القرآن قد أخذت من كل قسم من أقسام البلاغة شعبة فانتظم لها نوع من الكلام يجمع صفتين متضادتين هما الضخامة والعذوبة. كما يقرر أن البشر يتعذرون عن الإتيان بمثله لأن علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة وأوضاعها ومن ثم لا يستطيعون الجمع بين أشتات هذه الأمور حتى تنتظم وتتسق. وليس مرجع ذلك إلى الصرفة أي صرف الهمم عن المعارضة وإنما مرجعه إلى العجز عن الإتيان بمثله. وقد أورد الخطابي تحليلا لبعض النصوص الشعرية يكشف عن ذوق وبصر بمواطن الجمال في الكلام، كما فند بعض ما أورده المعترضون من شبهات ضد أسلوب القرآن، وأثبت في نهاية رسالته وجها آخر للإعجاز ذهب عنه الناس وهو صنيع القرآن بالقلوب وتأثيره في النفوس، ويلاحظ أن هذه هي الفكرة التي دار حولها بحث عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة إذ اعتبر مصدر البلاغة في الكلام تأثيره في النفوس. أما الرسالة الثانية للرماني فهي "النكت في إعجاز القرآن" وهي تأخذ شكل جواب على سؤال وجه للمؤلف عن ذكر النكت في إعجاز القرآن دون التطويل بالحجاج. ويتلخص الجواب في أن وجوه الإعجاز تظهر من سبع جهات: ترك المعارضة مع توافر الدواعي وشدة الحاجة، والتحدي للكافة، والصرفة، والبلاغة، والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة، ونقض العادة، وقياسه بكل معجز. ثم يحصر المؤلف البلاغة في عشرة أقسام؛ هي الإيجاز، والتشبيه، والاستعارة، والتلاؤم، والفواصل، والتجانس، والتصريف، والتضمين، والمبالغة، وحسن البيان. ويفصل في كل قسم مستشهدا بالآيات. ثم خصص بضع صفحات في نهاية رسالته للتعريف بالوجوه السبعة التي أشار إليها في أول كتابه، والتي تؤلف مع البلاغة وجوه الإعجاز في نظره. ويقول المحقق عن منهج هذه الرسالة: "وأسلوب المؤلف في معالجة موضوعه علمي منطقي يحتاج في كثير من المواضع إلى الجهد في فهمه وتتبعه، ويغلب عليه الطابع الكلامي والمنزع الاعتزالي في تأويل القرآن". أما الرسالة الثالثة فهي "الرسالة الشافية في الإعجاز" لعبد القاهر الجرجاني، ومدارها حول وجوه عجز العرب عن معارضة القرآن؛ فأحوالهم تدل من حيث كان المتعارف من عادات الناس ألا يسلموا لخصومهم الفضيلة وهم يجدون سبيلا إلى دفعها. ويتعرض المؤلف في سياق الرسالة لنواح في الميدان الأدبي يبين فيها تفاوت الشعراء في أقدارهم واشتمال كلامهم على البليغ وغير البليغ. ثم يناقش في نهاية رسالته فكرة الصرفة ويفند رأي القائلين بها.