تقرير القواعد وتحرير الفوائد
عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي ثم الدمشقي، أبو الفرج، زين الدين
تقرير القواعد وتحرير الفوائد
نبذة عن الكتاب

يُعد كتاب قواعد ابن رجب من الكتب المعتمدة في الفقه الحنبلي، وخصوصا عند الاختلاف في المذهب، يقول العلامة علاء الدين المرداوي في كتابه الإنصاف: "وإن كان الترجيح مختلفا بين الأصحاب في مسائل متجاذبة، فالاعتماد في معرفة المذهب من ذلك على ما قاله المصنف والمُجِدُّ والشارح وصاحب الفروع والقواعد الفقهية...". ويُمدح الكتاب لحسن جمعه وترتيبه وشموله رغم أن الإمام رحمه الله يُقرّ أنه قد ألّفه على غاية من الإعجال كالارتجال أو قريبا من الارتجال في أيام يسيرة وليال!! بل إنه ألفه في أواسط العقد الثالث من عمره أي قبل بلوغه سن الأربعين، مما يدل على رسوخ هذا العَلَم في العِلم وتمكنه منه. فممن مدح هذا الكتاب الشيخ يوسف بن عبد الهادي الحنبلي رحمه الله حيث قال: "وكتاب القواعد الفقهية مجلد كبير، وهو كتاب نافع من عجائب الدهر؛ حتى أنه استُكثر عليه حتى زعم بعضهم أنه وَجَدَ قواعد مُبدَّدةً لشيخ الإسلام ابن تيمية فجمعها، وليس الأمر كذلك بل كان رحمه الله فوق ذلك . وقال عنه الأستاذ مصطفى الزرقا: "وهو كتاب عظيم القيمة يحمل من الثروة الفقهية ما يجل عن الوصف". وقد عُني ابن رجب في كتابه بضبط القواعد حتى بدون لها محترزات، بل تكون القاعدة جامعة مانعة. كما أنه قسَّم كتابه هذا إلى قسمين كبيرين: القسم الأول: ذكر فيه القواعد، وقد بلغت مائة وستين قاعدة. والقسم الثاني: ذكر فيه الفوائد وقد بلغت إحدى وعشرين فائدة. ثم إنه رحمه الله تعالى رتب قواعده حسب الترتيب الفقهي، حيث بدأ بقاعدتين في الطهارة، ثم بدأ بقواعد في العبادات، ثم في المعاملات ثم في الجنايات ثم في الأحوال الشخصية ثم جاء بقاعدة القرعة، وهي قاعدة شاملة لا يخلو منها باب من أبواب الفقه وهذا في العموم الغالب. وكما فعل بالقواعد فعل أيضا في الفوائد، حيث بدأ بفوائد متعلقة بالعبادات، ثم بالمعاملات ونحو ذلك. وقد اختلفت قواعد ابن رجب وفوائده من حيث الإطناب والاختصار، وكثرة الفروع وقلَّتها من قاعدة لقاعدة .ومن معالم منهج ابن رجب أنه قصَرَ الحديث في قواعده وفوائده والفروع المندرجة تحتها على المذهب الحنبلي حيث عرضها والخلاف فيها وفق ما هو مقرر في هذا المذهب فقط. كما أنه أكثر من ذكر الروايات عن الإمام أحمد بنصوصها وبيان ناقلها، ووجَّهها وجمع بينها، ونقد بعضها، وذكر كلام المتقدمين من الأصحاب؛ كالخلال وأبي بكر عبد العزيز والخرقي وابن شاقلا والحسن بن حامد وابن أبي موسى والقاضي أبي يعلى وأصحابه وغيرهم، وذكر استنباطاتهم من الروايات وتخريجاتهم، وقوى بعضها ونقد بعضها؛ فهو كتاب جامع محرر يدل على سعة اطلاع ومكنة وتوقد ذهن. وقد لوحظ في الكتاب الإطالة في صياغة بعض القواعد مما يخرجها عن صبغة القواعد المعروفة التي تصاغ بألفاظ محكمة وقليلة. وقد يغتفر للإمام ذلك لأنه أراد ضبط القاعدة بحيث تشمل جميع الفروع. ومما يتعلق بالإطالة أيضا أنه أحيانا يُفصِّل في بعض الفروع ويطيل فيها تطويلا كثيرا، في حين أنه يختصر في بعض القواعد اختصارا شديدا، فبعضها خمسة أسطر أو ستة أسطر، والأصل في القاعدة أنها تؤلف لتحفظ وتضبط لتحفظ، فيصعب ضبطها وإنما تفهم من خلال الصور التي يذكرها تحتها. فذكر قواعد وذكر ضوابط وذكر فوائد تلتحق بالقواعد، وهذا من معالم ريادته، مما دفع ابن المبرد بوصفه قائلا: "وكتاب القواعد الفقهية مجلد كبير وهو كتاب نافع من عجائب الدهر".