هو أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حَرِيز بن معلَّى الحسيني الحصني، تقيّ الدين، ولد سنة 752هـ في بلدة اسمها الحصن، ثم انتقل إلى دمشق ليدرس على أيدي أشهر علمائها وشيوخها، ويرجع نسب الإمام الحصني إلى آل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. وقد سكن في المدرسة البادرائية وعمل في التدريس، وقد عُرف عنه أنه كان خفيف الروح، مرحًا يحب الضحك ويحثُّ تلاميذه على اللعب، وقد جاء عنه أنَّه تزوج من نساء عدة، ثم تقشَّف وانقطع عن الناس بعد فتنة تيمور لنك، وكان الإمام تقي الدين الحصني قد سكن في دمشق في حي الشاغور بالقرب من مسجد المزاز. ويصف الإمام السخاوي حياته في (الضوء اللامع) فيقول: "وتزوج عدة ثم انحرف قبل الفتنة عن طريقته وأقبل على ما خلق له وتخلى عن النساء وانجمع عن الناس مع المواظبة على الاشتغال بالعلم والتصنيف، ثم بعد الفتنة زاد تقشفه وزهده وإقباله على الله تعالى وانجماعه وصار له أتباع واشتهر اسمه وامتنع من مكالمة كثيرين لا سيما من يتخيل فيه شيئاً وصار قدوة العصر في ذلك وتزايد اعتقاد الناس فيه وألقيت محبته في القلوب وأطلق لسانه في القضاة، وحط على التقي بن تيمية فبالغ وتلقى ذلك عنه طلبة دمشق وثارت بسببه فتن كثيرة، وتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع مزيد احتقاره لبني الدنيا وكثرة سبهم حتى هابه الأكابر، وانقطع في آخر وقته في زاوية بالشاغور وكتب بخطه الكثير قبل الفتنة، وجمع التصانيف المفيدة في الفقه والتصوف والزهد وغيرها". ومن كلامه نجد أن الإمام أفنى المرحلة الثانية من عمره في الاستزادة من العلم ونشره، فصار العلم أكبر همه، والفقه شغله الشاغل، حيث تفقَّه على يد عدد من مشايخ دمشق، وكان قد تشارك مع العز عبد السلام القدسي في طلب العلم فترة طويلة من الزمن، وكان الحصني شغوفًا في طلب العلم في خلوته بنفسه، يكتب العلوم بخط يده، حتَّى اشتهرت له مؤلفات كثيرة قبل الفتنة وبعد الفتنة أيضا. فله مؤلفات في العقيدة الإسلامية، والتفسير، والحديث، والفقه وقواعده، والتصوف وغيرها. وقد تتلمذ الإمام تقي الدين الحصني على يد عدد من الشيوخ، أشهرهم: الشيخ نجم الدين ابن الجابي، الشيخ شمس الدين الصرخدي، الشيخ شرف الدين بن الشريشي، الشيخ شهاب الدين الزهري، الشيخ بدر الدين بن مكتوم، الشيخ شرف الدين الغزي، والصدر الياسوفي، وغيرهم كثير. ومن أبرز مؤلفاته: شرح أسماء الله الحسنى، ودفع شبه من شبه وتمرد في العقيدة. وله في الفقه عشر مؤلفات، أبرزها شرح التنبيه، وكفاية الأخيار في حل غاية الاختصار، وشرح النهاية، وتلخيص المهمات، وشرح الهداية، وآداب الأكل والشرب، وجواب في الرد على ابن تيمية في مسألة شد الرحال للزيارة. ومن أبرز مؤلفاته التصوف والزهد والوعظ تنبيه السالك على مظان المهالك، وتأديب القوم، والنساء العابدات والأمور المفسدات، وغيرها الكثير. توفِّي الحصني رحمة الله عليه في دمشق عام 829هـ.