هو عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن موسى القاضي أبو الفضل اليحصبي البستي المُرّاكِشي. أبو الفضل، قاض مالكي وعالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته. العلامة والفقيه المؤرخ الذي كان من بين الناس العارفين بعلوم عصره.ولد القاضي عياض في مدينة "سبتة" بالمغرب سنة 476هـ، ونشأ بها وتعلم بها وتتلمذ على شيوخها، ثم رحل إلى الأندلس عام 507هـ، طلبًا لسماع الحديث وتحقيق الروايات، وطاف بحواضر الأندلس التي كانت تفخر بشيوخها وأعلامها في الفقه والحديث، فأخذ عن أعلام قرطبة ومرسية وفى عام 531هـ. اكتفى عياض بما حصله في رحلته إلى الأندلس، ولم يلبث أن رحل إلى المشرق مثلما يفعل غيره من طلاب العلم. ثم عاد عياض إلى "سبتة" غزير العلم، جامعًا معارف واسعة؛ فاتجهت إليه الأنظار، والتفَّ حوله طلاب العلم وطلاب الفتوى، وجلس للتدريس وهو في الثانية والثلاثين من عمره، ثم تقلد منصب القضاء في "سبتة" سنة 515هـ وظل في منصبه ستة عشر عامًا، كان موضع تقدير الناس وإجلالهم له، ثم تولى قضاء "غرناطة" سنة 531هـ وأقام بها مدة، ثم عاد إلى "سبتة" مرة أخرى ليتولى قضاءها سنة بعد بضعة اعوام.كان "القاضي عياض" رحمه الله متبحرًا في العلوم الشرعية على درايةٍ عظيمةٍ بها ولم يقتصر على نوع واحد منها بل أحاط بمعظمها، فقد كان رحمه الله محدثًا فقيهًا مؤرخًا أديبًا. وكانت حياته موزعة بين القضاء والإقراء والتأليف، غير أن الذي أذاع شهرته، وخلَّد ذكره هو مصنفاته التي بوَّأَتْه مكانة رفيعة بين كبار الأئمة في تاريخ الإسلام، وحسبك مؤلفاته التي تشهد على سعة العلم وإتقان الحفظ، وجودة الفكر، والتبحر في فنون مختلفة من العلم.من مصنفاته: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، الغنية، ترتيب المدارك وتقريب المسالك في معرفة أعلام مذهب الإمام مالك (أربعة أجزاء وخامس للفهارس)، شرح صحيح مسلم، مشارق الأنوار (مجلدان)، الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض (ثلاثة مجلدات من أربعة)، الإعلام بحدود قواعد الإسلام، إكمال المعلم بفوائد مسلم، وغيرها من المصنفات. ومن الكتب التي تحدثت عنه وأشهرها كتاب "القاضي عياض وجهوده في علمي الحديث دراية ورواية" لمؤلفه الأستاذ والدكتور البشير علي حمد الترابي.من شيوخه: ابن عتاب، وابن الحاج، وابن رشد، وأبي الحسين بن سراج، وأبي علي الحسين بن محمد الصدفي، وغيرهم الكثير. توفي مسموما، وقيل سمه يهودي في "مراكش" وقيل في "سبتة" سنة 544هـ في جمادى الآخرة، وقيل في رمضان. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.