هو أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السَّرَخْسِي الخزرجي الأنصاري، ولد سنة 1009م، هو قاض، وإمام مجتهد من كبار العلماء والفقهاء في المذهب الحنفي. انتقل إلى أوزكند وهي بلدة من بلاد ما وراء النهر من نواحي فرغانة. أخذ الفقه والأصول عن عبد العزيز الحلواني والسغدي، وعده ابن كمال باشا من المجتهدين. وكان عالما عاملا ناصحا للحكام، انتقل إلى أوزكند وانتقل إلى بلاط خاقانها لكنه ما لبث أن ألقي به في السجن سنة 466هـ لأنه أفتى بأن زواج الخاقان بعتيقته قبل أن تمضي عدّتها حرام، فقضى في السجن 15 عاما وفي السجن أملى المبسوط وهو أكبر كتاب في الفقه الحنفي مطبوع في ثلاثين جزءا، ويُعَد أوسع الكتب المطبوعة في الفقه الحنفي والفقه المقارن ويعتمد عليه الحنفية في القضاء والفتوى، وأملى شرح السير الكبير للشيباني في مجلّدين فلما بلغ كتاب الشروط أطلق سراحه فذهب إلى مرغينان في ربيع الأوّل وأتم شرح السير الكبير في جمادى الأولى من السنة نفسها. قال في المبسوط عند فراغه من شرح العبادات: "هذا آخر شرح العبادات بأوضح المعاني، وأوجز العبارات، إملاء المحبوس عن الجمعة والجماعات"، وقال في آخر كتاب الطلاق: "هذا آخر كتاب الطلاق المؤثر من المعاني الدقاق"، وقال في آخر كتاب العتاق: "انتهى شرح العتاق من مسائل الخلاف والوفاق". وقد أورد السرخسي فـي كتابـه المبسوط بابا من أبواب الكفالة سمَّاه باب "ضمان ما يبايع به الرجل" بدأه بالفكـرة الأساسية لبطاقة الائتمان بقوله: "وإذا قال الرجل – المصدر لرجل – التاجر بايع فلانا – حامل البطاقة – فما بايعته به من شيء فهو عليَّ فهو جائز على ما قال، لأنه أضاف الكفالة إلى سبب وجود المال على الأصيل".تفقه السرخسي على يد شمس الأئمة أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني ولقب بلقبه وكان إماما فاضلا فقيها أصوليا مناظرا يتوقّد ذكاء، لزم شمس الأئمة وتخرج به حتى صار في النظر فرد زمانه وواحد أقرانه وأخذ في التصنيف والتعليق وناظر وشاع ذكره.أبرز تلاميذه أبو بكر محمد بن إبراهيم الحصيري، وأبو عمرو عثمان بن على بن محمد بن علي البيكندي، وأبو حفص عمر بن حبيب.حكي عنه أنه كان جالسا في حلقة الاشتغال فقيل له حكي عن الشافعي أنه كان يحفظ ثلاثمائة كرّاس فقال حفظ الشافعي زكاة ما أحفظ فحسب ما حفظه فكان اثني عشر ألف كرّاس. وقال عنه العلامة نجم الدين الطرسوسي - فيما نقله عنه ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" -: "لا يُعمَل بما يخالفُه، ولا يُركَن إلا إليه، ولا يُفتَى ولا يُعوَّل إلا عليه".أهم مؤلفاته: المبسوط، شرح السير الكبير، أصول السرخسي. توفي سنة 490هـ، كما قيل سنة 483هـ، ومازال ضريحه شاخصا في مدينة أوزكند بقرغيزستان.