ابن حجر العسقلاني

والملقب بـ

هو الإمام أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، أبو الفضل، شهاب الدين، ابن حَجَر، أمير المؤمنين في الحديث وشيخ الإسلام، أصله من عسقلان، وولد بالفسطاط سنة 773هـ، نشأ الحافظ في أسرة اشتهرت بالعلم، وتوفي والده في صغره فتولى حضانته أحد أوصياء والده وولع بالأدب واللغة، ثم أقبل على علم الحديث وكان قوي الحفظ، وهو في الخامسة من عمره التحق بالكتاب، وحفظ الكثير من المتون في مختلف العلوم، ثم شرع في مدارسة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، روايةً ودرايةً، وقد تتَلمذَ وهو في الثاني عشرة من عمره على يد القاضي أبو حامد المكّي وباحث معه كتابه عمدة الأحكام في مكّة المكرّمة. كما اجتمع بكبار الحفّاظ في ذلك الوقت وأتقن علم الحديث من ناحية المتن والسند، والعلل والاصطلاح والفقه؛ حتّى استحق أن يُلَقَّب بأمير المؤمنين في الحديث، وقد ارتحل لأكثر من بلد في سبيل طلب العلم ومنها الشام واليمن، والحرمين وغيرها، ومن أبرز مشايخه وأساتذته؛ إبراهيم بن أحمد التنوخي فقد لازمه ابن حجر ثلاث سنوات وقرأ عليه وسمع منه العديد من الكتب، أشهرها؛ صحيح البخاري، وسنن الترمذي، وموطّأ مالك وغيرها، وعبد الرحيم العراقي، لازمه ابن حجر عشر سنوات، وهو أوّل من أذن له بتدريس الحديث، وهو من أطلق عليه لقب الحافظ، سراج الدين البلقيني، لازمه ابن حجر مدة وقرأ عليه عدة أجزاء حديثية، وحضر دروسه الفقهية، وقرأ عليه كتاب الروضة، ودلائل النبوة، والمسلسل بالأولية، ونور الدين الهيثمي، وابن الملقن، وابن الجماعة، وغيرهم. واشتغل الحافظ ابن حجر في حياته بالتدريس والإملاء، والإفتاء والخطابة، والقضاء، وانتشر ذكره وجاءه طلاب العلم من كل الأمصار للنهل من علمه الغزير، فمن أشهر تلامذته، شمس الدين السخاوي، برهان الدين البقاعي، زكريا الأنصاري، ابن الخضيري، شهاب الدين البوصيري، محمد بن ناصر الدين السعدي الحنبلي، أحمد بن محمد بن عبد الله بن كحيل، شمس الدين ابن حسان، الشرف الطنوبي، إبراهيم الطباطبي، المحب البكري، وغيرهم. ومن أشهر مؤلفاته وأعظمها؛ فتح الباري شرح البخاري، ومقدمّة الكتاب التي سميّت بهدى الساري، تعليق التعليق، وله مختصران وهما التشويق، والتوفيق، وتقريب الغريب في غريب صحيح البخاري، وإتحاف المهرة بأطراف العشرة، والكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف، والواف بآثار الكشاف، ونصب الراية إلى تخريج أحاديث الهداية، وهداية الرواة إلى تخريج المصابيح والمشكاة، تقريب التهذيب، بلوغ المرام من أدلة الأحكام وغيرها الكثير من المصنفات المهمة في اللغة والفقه والحديث والتزكية. اعتزل الإمام ابن حجر عن منصب قاضي القضاة ولزم بيته سنة 852هـ، وتفرّغ للتصنيف والتأليف ومجلس الإملاء، إلى أن مرض واشتد عليه المرض وقد استمر في الخروج إلى الإملاء والإقراء والصلاة، وصار يشتد عليه المرض حتى اصبح يصلي جالسا و عجز عن الوضوء، وزاره العديد من العلماء والصالحين، وفاضت روحه إلى بارئها في الثامن والعشرين من ذي الحجّة سنة 852هـ.، وقد عمَّ الحزن في المكان على موته، وأغلقت الأسواق محلّاتها، وقد شُيِّعت جثمانه في جنازة عظيمة لم يكن أحفل منها إلّا جنازة ابن تيمية ولقيَ خبر وفاته الفجع والحزن في جميع الأقطار الإسلاميّة فصلوا عليه صلاة الغائب في مكّة المكرمة، وبيت المقدس، والخليل، ودمشق، وحلب وغيرها.

كتب المصنف في الموقع