هو العلامة جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم القاسمي، إمام أهل الشام في زمانه، في علوم الدين واللغة. ولد القاسمي في جمادي الأولى سنة 1283هـ، بدمشق، في بيت دين وورع، وخلق كريم، وعلم وأدب، فأبوه كان من الفقهاء الأدباء. وقد حرص أبوه على أن يعهد به إلى الأئمة والأعلام في كل فن، فحفظ القرآن وجوده على يد شيخ قراء الشام الشيخ الحلواني، ثم انتقل إلى مكتب المدرسة الظاهرية؛ فتعلم التوحيد وعلوم اللغة والفقه والحديث والأصول، فنال إجازات عالية في كل هذه الفنون ولما يبلغ الثامنة عشرة، ولم يترك إمامًا بارزًا، أو شيخًا معروفًا إلا جلس إليه، وأخذ عنه إجازة بعلومه. انتدبته الدولة السورية للتنقل بين بلدات وقرى سورية لإلقاء الدروس العامة وظل في عمله هذا أربع سنوات من 1308 هـ حتى 1312 هـ، بعدها قام بزيارة المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس ومصر مرتين وغير ذلك من المدن السورية والبلدان العربية. ولدى عودته اتُّهم هو وعدداً من أصدقائه بتأسيس مذهب جديد في الدين، سموه المذهب الجمالي فاحتجز عام 1313 هـ وذلك في حادثة كبيرة سميت بحادثة المجتهدين. ثم أثبتت براءته.ومن أشهر الأئمة الذين أخذ العلم عن يدهم: الشيخ محمد سليم العطار، ومحمد جميل الشطي، وأحمد الحلواني الكبير، وبكري العطار، وغيرهم الكثير. ومن أشهر تلامذته الشيخ محمد البزم. وقد ترك الشيخ المفسر جمال القاسمي ثروة علمية هائلة تزيد عن المائة مصنف ومؤلف، وكان اهتمامه بالتأليف والتصنيف كبيرًا جدًا؛ لعلمه بأهمية الكتاب في نقل الأفكار، ونشر العلوم، وكان دائمًا يقول: (كتاب يطبع خير من ألف داعية وخطيب، لأن الكتاب يقرؤه الموافق والمخالف). فمن أبرز مؤلفاته: تفسيره الشهير للقرآن الكريم المسمى (محاسن التأويل) وهو من أجل مصنفاته، وهو من أفضل التفاسير المعاصرة وأنفعها، كتاب دلائل التوحيد، وكان القاسمي سلفيًا في عقيدته كما هو ظاهر من كتبه، إصلاح المساجد من البدع والعوائد، وقواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، وكليلة ودمنة (من نظمه). توفي القاسمي 1332هـ في دمشق، وقد بلغ من العمر تسعا وأربعين عاما، وعلى قصر عمره إلا أن حياته كانت عريضة طويلة، وغنية بالعلم والعمل النافع والصالح، رحمه الله.