محاسن التأويل
جمال الدين القاسمي
محاسن التأويل
نبذة عن الكتاب

يعد هذا الكتاب ضمن كتب التفسير بالمأثور رغم تأخر تأليفه؛ فقد ظهر في أوائل القرن الرابع عشر. وقد دعا المصنف إلى كتابته احتياج العصر الذي عاش فيه إلى تجميع نقول السلف لتعذر مصادرها على الكثير إضافة إلى الرد على شبهات الخصوم الذين يصعب عليهم إبطال أقوال علماء بهم يقتدون، وبعلمهم يعترفون فكانت حجتهم لهم غالبة. وقد كان القاسمي رحمه الله سلفي المنهج على منهج أهل السنة والجماعة، فهو من أتباع شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأئمة السلف من قبل هؤلاء ومن بعدهم. ومن ثم فإنه يكثر النقل عن علماء السلف ويورد حججهم وأدلتهم وردودهم على شبه الخصوم. وهو في أحيان كثيرة لا يزيد في تفسير الآية على نقل كلام السلف فيها، وانظر مثلاً لذلك تفسيره لقوله تعالى: (ثم استوى على العرش) فقد استغرق منه تفسير هذه الآية 47 صفحة أغلبها نقول عن السلف، وهو إنما يربط كلامهم بعضه ببعض. يقول القاسمي عن منهجه في التفسير: "أودعه ما صفا من التحقيقات، وأوشحه بمباحث هي المهمات، وأوضح فيه خزائن الأسرار، وأنقد فيه نتائج الأفكار، وأسوق إليه فوائد التقطتها من تفاسير السلف الغابر، وفرائد عثرت عليها في غضون الدفاتر، وزوائد استنبطتها بفكري القاصر، مما قادني الدليل إليه، وقوى اعتمادي عليه". وقد أكد في مقدمة تفسيره أن الصواب في آيات الصفات هو مذهب السلف، أورد فيه نقولاً لبعض العلماء في إثبات ذلك. وبدراسة أمثال هذه النقول الشافية نجد أنها لم تسق جزافا، وإنما خضعت لفحص وتأمل واستيعاب، ثم ترجيح واختيار، فالقارئ المتعجل يظن المفسر قد نقل ما أمامه دون جهد كبير، وهذا عمل قل من يحسنه كالقاسمي رحمه الله. وقد افتتح التفسير بمقدمة حافلة، تتحدث في إسهاب عن أمور جوهرية تتعلق بعلوم القرآن، إذ تتضمن الحديث عن معرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ ، وقصص الأنبياء، وشيوع الإسرائيليات بها، وجريان القرآن على اللسان العربي، ومعنى التفسير الباطن والتفسير الظاهر وأيهما أصح وأسلم، والسنة المطهرة ومنزلتها من تفسير القرآن، والمكي والمدني في كتاب الله، والاعتدال في التفسير بالمأثور والرأي، وأسرار التكرار في القرآن، والأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ومسائل أخرى غاية في الأهمية. وهي مقدمة جديرة بالدراسة والفهم. وأحسن طبعات (محاسن التأويل) تلك التي أشرف عليها الأستاذ محمد فؤاد عبدالباقي رحمه الله، حيث صحح التفسير ورقمه، وخرج آياته وأحاديثه وعلق عليه. إن تفسير محاسن التأويل على الجملة من أنفس كتب التفسير بالمأثور، وقد أتى فيه بدرر ونفائس، ولكنه لا يصلح للقارئ المبتدي لأنه طويل النفس، وأكثره نقول كما تقدم عن السابقين، ويحتاج في فهمه إلى صبر وأناة.