يعد هذا الكتاب أحد المراجع المهمة في معرفة الأحكام الفقهية من خلال آيات القرآن على ضوء المذهب الشافعي. فقد جمع فيه آيات الأحكام، وما يستنبط منها، وخلافات الفقهاء، مرجحا مذهب الشافعي. وعن أهمية كتابه يقول المصنف في مقدمته: "ولن يعرف قدر هذا الكتاب وما فيه من العجب العجاب إلا مَن وَفُر حظه من علوم المعقول والمنقول، ومتبحر في في الفروع والأصول، ثم أكبَّ على مطالعة هذه الفصول بمسكة صحيحة وقريحة نقية". ويقول في خاتمته: "وقد أتينا على جمل ما يُحتاج إليه من أحكام الفقه اشتمل القرآن عليها". ويبين هدفه من تصنيفه قائلا: "وأوضحنا قدر مقصودنا من اختلاف العلماء، وبيان أقرب الأقوال إلى معاني القرآن، ولم نغادر جهدا في تلخيص ما أردناه، وحذف الحشو المستغنى عنه". أما عن الأسباب التي دعت المصنف إلى تأليف كتابه فهي ملاحظته عجز بعض من ألف في أحكام القرآن عن فهم طرق استنباطات الإمام الشافعي، فأراد أن يوضح ذلك بهذا الكتاب. كما أنه رأى أن أقوال المفسرين في أحكام القرآن متجاوزة الحد بين الزيادة والنقصان، فأراد أن يبينها ويختار منها ما يغني عن التعليل والتطويل. أما عن أسلوبه فهو يذكر الآية التي فيها حكم أو أحكام ثم يبين ما تدل عليه وما يستنبط منها. وإذا كان الحكم يحتاج إلى بيان بيَّنه ووضحه بالقرآن أو الحديث أو أقوال السلف. كما أنه قد يبين سبب نزول بعض الآيات ويحيل بعضها على كتب التفسير. وإذا كان في الأحكام التي يستنبطها من الآيات خلاف بين العلماء ذكره وناقش العلماء ورد عليهم. أما عن محتوى كتابه فقد ابتدأه بمقدمة أشاد فيها بالإمام الشافعي ومذهبه، ثم شرع في بيان الآيات التي يرى أنها من أحكام القرآن، فرتبها حسب ترتيب المصحف، وبلغت عنده ٧٤ سورة تحتوي على ٥٢٧ آية في الأحكام. وقسم هذه السور على أربعة أجزاء طبعت في مجلدين في هذه الطبعة؛ فأما الجزءان الأول والثاني فقد تضمنا سور البقرة وآل عمران والنساء، ثم تضمن الجزءان الثالث والرابع بقية سور القرآن التي تشتمل على آيات في الأحكام. وقد نقل الكيا هراسي في كتابه من مصادر عدة؛ أهمها: أحكام القرآن للجصاص، وأحكام القرآن ومعاني القرآن للقاضي الأزدي، والرسالة للشافعي، والسير الكبير لابن الحسن الشيباني، وغيرها. كما كان له تأثير فيمن جاء بعده إذ استفاد منه ونقل عنه عدد من العلماء كالقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" وجلال الدين السيوطي في "الإكليل في استنباط التنزيل" وغيرهما. ويؤخذ على الكتاب روح التعصب للمذهب الشافعي والتي بدت عليه منذ المقدمة، إضافة إلى عبارات من مثل "ولا شك أن الذي رآه الشافعي أولى" و"ولا شك أن الحق متميز في مسند الشافعي". ثم إن له موقفا شديدا مع بعض العلماء منهم الجصاص وأحمد بن علي الرازي الحنفي المذهب، وذلك لوقوف الجصاص في كتابه "أحكام القرآن" موقف المعارض لمذهب الشافعي