العلمانية
سفر الحوالي
العلمانية
نبذة عن الكتاب

أصل هذا الكتاب رسالة ماجستير تقدم بها المؤلف لقسم الدراسات العليا - فرع العقيدة بكلية الشريعة بمكة المكرمة، وقد أشرف على هذه الرسالة عَلَم من أعلام الفكر الإسلامي المعاصر وهو الأستاذ محمد قطب، ويعد الشيخ سفر الحوالي من علماء المملكة الربانيين المعروف بالمواقف المشهودة والصدع بكلمة الحق، وهو كذلك معروف بمؤلفاته النوعية في الفكر والواقع والعقيدة الإسلامية، وهذا السفر الذي بين أيدينا هو أحد أهم هذه الكتب.ولقد دعاه إلى اختيار هذا الموضوع "العلمانية" كما ذكر في المقدمة الأثر الخطير لهذا المذهب على الأمة الإسلامية، حيث تغلغلت في كل مناحي الحياة الإسلامية المعاصرة، تحت شعارات متنوعة براقة لتوجيه الحياة الإسلامية بعيدا عن التوحيد الخالص، فاقتضى ذلك كشف زيفها وتناقضها مع كلمة التوحيد ومقتضياتها. الأمر الذي استلزم اطلاعا واسعا على أمهات النظريات والاتجاهات السياسية والأدبية والسياسية، مما أثرى الرسالة وجعلها بمثابة دراسة جادة وأنموذجا لكل من أراد دراسة مذهب باطل أو فكرة غريبة عن منهج الإسلام.ولقد قسّم المؤلف الكتاب إلى مقدمة وخمسة أبواب:أما المقدمة، فذكر فيها أهمية موضوع البحث والباعث له على اختياره، كما ذكر خطة البحث ومضمون الرسالة مجملا، وختمها بتعريف العلمانية.وفي الباب الأول تناول نشأة العلمانية وأنها كانت نتاج تحريف الدين النصراني الذي قامت به الكنيسة في العقيدة وفي الشريعة، والخرافات التي استحدثتها في الدين، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في انحراف أوروبا إلى اللادينية.وفي الباب الثاني تعمّق بشيء من التفصيل في أسباب العلمانية، فذكر منها أربعة في أربعة فصول؛ أولها: الطغيان الكنسي دينياً وسياسياً ومالياً. ثانيها: الصراع بين الكنيسة والعلم. ثالثها: الثورة الفرنسية والتي نجحت في إقامة أول دولة لادينية في أوروبا النصرانية. وأخيرا: نظرية التطور والتي كانت إيذاناً بانتهاء وصاية الكنيسة الفكرية على أوروبا وتناول في هذا الفصل أيضا الآثار المدمرة لهذه النظرية سواء على المستوى الفكري المنهجي أو المستوى التطبيقي الواقعي.وأوضح أن اليهود إنما يستغلون الأحداث ولا يصنعونها كاستغلالهم الداروينية لنشر الإلحاد والإباحية، واستغلال الثورة الصناعية للسيطرة على اقتصاد العالم، واستغلال الديمقراطية لتوجيه السياسة الدولية.أما الباب الثالث "العلمانية في الحياة الأوروبية" وهو الباب الرئيس في الموضوع، فقد قسمه إلى ست فصول:تناول في الفصل الأول العلمانية في الحكم والسياسة، فذكر أشهر النظريات في هذا الباب، كنظرية العقد الاجتماعي ونظرية الحق الإلهي، ثم النظريات الحديثة التي تقوم على " الميكافيللية، فلسفة التطور، الديمقراطية" بتفسيريها الليبرالي والشيوعي.وفي الفصل الثاني تناول العلمانية في الاقتصاد، فتحدث عن النظام الإقطاعي، ثم عن المذاهب اللادينية كالفيزيوقراطية والرأسمالية والشيوعية، عارضاً نظريات كل مذهب، وكذا الآثار التطبيقية الخطيرة له.أما الفصل الثالث فتناول فيه علمانية العلم، فتحدث عن الأسس والملابسات التي قامت عليها لادينية العلم، ثم ما نجم عن ذلك من انتشار الإلحاد، واستحالة العلم نفسه إلى خطر يهدد البشرية جمعاء.وفي الفصل الرابع تحدث عن علمانية الاجتماع والأخلاق، وبعد أن فصل القول في النظريات والمدارس الاجتماعية اللادينية، أردف ذلك بنموذج تطبيقي واحد، هو قضية المرأة وما نجم عنها من الشرور الاجتماعية المستطيرة شرقاً وغرباً. وفي الفصل الخامس تحدث عن العلمانية في الأدب والفن، فتناول الاتجاهات الأدبية الأوروبية بداية من عصر النهضة مرورا بالعصر الحديث وانتهاء بالأدب المعاصرأما الفصل السادس والأخير "ماذا بقى للدين" فتحدث عن يوم القيامة، مع بيان الإفلاس الذي منيت به الكنائس، وكيف أصبحت مباءات للمفاسد العصرية.أما الباب الرابع "العلمانية في الحياة الإسلامية"، فكان بمثابة تنزيل تطبيقي لما أصله في الأبواب الثلاثة السابقة على واقع المسلمين اليوم وكيف تغلغلت العلمانية في حياة المسلمين وقضاياهم، فتناول في فصلين: الأسباب والمظاهر.أما الأسباب فعزاها إلى سببين رئيسين:- انحراف المسلمين والذي يقابل تحريف النصرانية في أوروبا، لاسيما ما يتعلق منها بالتوحيد والعقيدة.- والتخطيط اليهودي الصليبي، والذي أجمله في أربعة أجنحة كبرى (قوى الاحتلال المباشر، المستشرقون، المبشرون، الطوائف اليهودية والنصرانية والباطنية) والتي تهدف جميعها إلى إخراج المسلمين من دينهم وصبغهم بالصبغة الغربية اللادينية. وأما المظاهر فقسمها إلى ثلاثة مظاهر رئيسة: - في الحكم والتشريع: مستترة وراء فكرة (الإصلاح)، والتي تم بموجبها استيراد التنظيمات ثم التشريعات الكافرة؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور الأفكار السياسية اللادينية والأحزاب المتعددة الانتماءات.- وفي التربية والثقافة: متمثلة في التغريب ودعاوى التطوير، وما صاحبها من احتقار الماضي الإسلامي تربوياً وتاريخياً، واستيراد المذاهب اللادينية في الفكر والأدب.- وفي الاجتماع والأخلاق: متمثلا في التقليد الأعمى للغرب، مع التمثيل بقضية تحرير المرأة والنتائج الواقعية لها.وختم رسالته بالباب الخامس وهو حكم العلمانية في الإسلام، وهل لها مبرر واقعي في العالم الإسلامي، مع استعراض بعض الشبهات المثارة حول هذا الموضوع.ويعد هذا الكتاب من الكتب الرائدة في الحديث عن العلمانية بصورة علمية منهجية، تجمع بين الرؤية الشرعية المنضبطة والرؤية الواقعية المتعمقة، مع البعد عن الصورة الأكاديمية النمطية في تناول الموضوعات؛ حيث يظهر من تناول المؤلف الروح الإحيائية الهادفة لتحذير المسلمين من الخطر الداهم الذي يتسلل إلى بلادهم، وتعريته حتى لا يتلبس عليهم أمر دينهم. ولقد بذل المصنف جهدا ضخما في جمع المادة العلمية وتبسيطها، فقام بعرض النظريات المعقدة بأسلوب موجز سهل الإدراك. وقد اعتمد المصنف على ذكر الشواهد التاريخية على ما يقرره من مقدمات وأسباب، وهو ينتهج أسلوب النقد بطريق العرض، فهو يعرض أية نظرية كما يراها أصحابها عرضاً يوحي للقارئ بنقدها، ثم هو يعرض آثارها الواقعية ونتائجها التطبيقية؛ كونها المحك الحقيقي لنجاحها أو إخفاقها، دون أن يستغرق في مناقشة تفصيلات هذه النظريات لأنه فوق كونها تستهلك جهداً كبيراً لا تتفق مع حكم الإسلام والذي يرفض تلك التصورات جملة رفضاً أساسيا. وقد يؤخذ على الكتاب قلة النقل من المصادر الرئيسية للعلمانية كمراجع روسو وميكافيلي وجون ستيورت وغيرهم، إلا إنه يظل من أشمل وأجمع البحوث في هذا الشأن في المكتبة الإسلامية.