هذا الكتاب منظومة متكاملة في الاعتقاد، وما يجب على المكلَّف اعتقاده والتصديق به من أصول الدين؛ كمسائل التوحيد والصفات والقدر والقرآن والنبوة والمعاد وغير ذلك من قضايا الاعتقاد ومسائله. مما جعله لا يستغني عنها طالب علم يعتني بعقيدة السلف. وقد اشتهرت المنظومة كذلك باسم مصنفها "العقيدة السفارينية"، وهو أحد متأخري الحنابلة في الشام. وقد أثنى عليها بقوله: "سَمْطُ عِقْد أبهى من اللآلئ البهية.. تكفي وتشفي من معظم الخلاف الذي ذاع وانتشر". وكان السبب من تصنيفها طلب جاءه من نجد؛ يقول المصنف: "طلب مني بعض أصحابنا النجديين أن أنظم أمهات مسائل اعتقادات أهل الأثر في سلك سهل لطيف معتبر؛ ليسهل على المبتدئين حفظه، وتنفعهم معانيه ولفظه". وترجع أهمية هذا الكتاب إلى اعتناء مصنفه بالعقيدة وتحقيق مسائلها، كونه من متأخري الحنابلة أصولا وفروعا في القرن الثاني عشر الهجري. وقد عاصر إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولكنهما لم يلتقيا ولكن تزامنا وتعاصرا. وذكر بعض أئمة الدعوة أن السفَّاريني بلغه كتاب التوحيد للشيخ محد بن عبد الوهاب فقرأه وأثنى عليه. كما أن المنظومة تتميز بشموليتها إذ شملت جميع أبواب الاعتقاد. ويمتاز أسلوب المنظومة بالسهولة والاختصار وعدم الطول؛ كونها مئتين وعشرة أبيات، مما يسهل حفظها على طلاب العلم. كما أن أسلوبها يمتاز بحسن الترتيب والتسلسل الجيد. فقد بدأ المصنف محتوى منظومته بمقدمة في ترجيح مذهب السلف على مذهب الخلف. ثم الباب الأول في معرفة الله تعالى والكلام على الصفات والقرآن، ثم الباب الثاني في الأفعال المخلوقة، ثم الباب الثالث في الأحكام والكلام على الإيمان ومتعلقات ذلك، ثم الباب الرابع في ذكر السمعيات وأمر المعاد والكلام عن الجنة والنار، ثم الباب الخامس في ذكر النبوة والكلام على الكرامات والصحابة، ثم الباب السادس في ذكر الإمامة ومتعلقاتها، ثم ختمها بذكر الأدلة وما يتعلق بها. وقد اعتنى الناظم نفسه بشرح منظومته في كتاب "لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية" وهو يعد أوسع كتاب في العقيدة لمتأخري الحنابلة، حيث سلك فيه مؤلفه مسلك الإطناب والتطويل فجاء شرحا مبسوطا كافيا. كما اعتنى بها أهل العلم، وكتبوا عليها الشروح والحواشي والمختصرات؛ فممن علق عليها وشرحها الشيخ ابن العثيمين والشيخ صالح الفوزان. إلا أنه يؤخذ على هذه المنظومة تضمنها بعض المسائل اليسيرة من آراء أهل الكلام رغم كون السفَّاريني في الجملة ممن ينصرون السنة ويعتقدون العقيدة الصحيحة، ولكن لعله لم يتعمد هذا التأثر بالمتكلمين ممن ساد كلامهم في حلقات أهل العلم من المتأخرين. فمما جاء في هذا قول المصنف عن صفات الله "فَمُرْهَا كَمَا أَتَتْ فِي الذِّكْر مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَغَيْرِ فِكْر" مع عدم تحديد الإمرار بأنه للفظ فقط أما الدلالة فينبغي تقييد إمرارها بما يليق به تعالى من غير تكييف. ومن العبارات الخاطئة التي لا تحتمل الصواب: "وَجَازَ للمَوْلَى يُعَذِّب الوَرَى مِنْ غَيْرِ مَا ذَنْبٍ وَلا جُرْمٍ جَرَى". هذا وقد استفاد من منظومة السفاريني الكثير من أهل العلم كالشيخ عبد الله أبي بطين وسليمان بن سحمان وعبد الرحمن بن قاسم وابن العثيمين وغيرهم من علماء نجد المتأخرين، مع ما استدركوه عليه حال حفظهم لمكانته وحقه.