الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة (الإبانة الكبرى)
ابن بطة العكبري
الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة (الإبانة الكبرى)
نبذة عن الكتاب

يعد الكتاب المتقدم ثروة علمية قيمة؛ إذ أنه قد احتفظ لنا بجملة كبيرة من أقوال أئمة السنة في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، وفي الرد على الفرق المبتدعة، من خلال ما رواه من الأحاديث والآثار، وذب عن هذه العقيدة من خلال ما أورده من ردود على الفرق الضالة. والكتاب لابن بطة العكبري أحد الأئمة الحفاظ، وأحد أعلام أهل السنة والجماعة. ومن أهم الأسباب التي دعت الإمام إلى تصنيف هذا الكتاب ما عمَّ في عصره من صنوف الأهواء والبدع التي أنتجت الفرق المخالفة والمشاقة للسنة و ما تبع ذلك من جدل في مسائل العقيدة ،فما كان منه رحمه الله إلا أن صنف هذا الكتاب حماية للعقيدة السلفية الصحيحة. وقد كان السبب من وراء تسمية كتابه هذا بالإبانة الكبرى أن لابن بطة رسالة صغيرة في العقيدة اسمها "الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة"، ولما كان هذا العنوان متقاربا مع عنوان هذا الكتاب الكبير، أُطلق على تلك الرسالة الصغيرة ـ تجوزا "الإبانة الصغرى"، وأُطلق على الكتاب الذي بين أيدينا "الإبانة الكبرى ". وتظهر مكانة الكتاب جلية عند النظر في الكتب التي ألفت بعده ويكثر فيها عبارات مثل: (وذكر ابن بطة في إبانته) أو قال (الإمام ابن بطة في الإبانة الكبرى)، كما ورد عن اللالكائي والقاضي أبي يعلى وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والذهبي. وتمثل منهج ابن بطة جليا في كتابه في الأمانة العلمية حيث حرص على سوق الأحاديث والآثار بأسانيدها، وإذا ذكر قول عن أحد شيوخه أخبر بذلك. مع التوقف عند الأحاديث والآثار المشكلة أو التي يكون في معناها نوع من اللبس وتوضيح ذلك، رغم أنه لم يلتزم الصحة فيما يورده من نصوص؛ ولعل ذلك اعتمادا منه على ما تقرر عند أهل العلم أن من أسند لك فقد أحالك.. أما عن أسلوبه فإنه يبدأ الباب بتوضيح وتقرير الاعتقاد الصحيح في المسألة، بحيث يعطي تصورا واضحا وكافيا عنها، ثم يستدل عليه بما ورد في القرآن الكريم ، ثم يتبع ذلك بالاستدلال بالأحاديث ثم يذكر ما تعلَّق به من الآثار. لكن الإمام ابن بطة لا يحكم نفسه بهذه الطريقة في جميع الأبواب؛ فأحيانا يستدل بالآيات في ثنايا عرض وتقرير المعتقد وليس بعده، وأحيانا يبتدئ الباب بذكر الأدلة مكتفيا بالمقدمة العامة للجزء .فإذا كان هناك قول مخالف لأهل السنة والجماعة في المسألة فإنه يذكره بسنده تاركا للقارئ الترجيح من خلال عرضه للمسألة وذكره للأقوال الواردة فيها. وقد استهل المؤلف محتوى كتابه بالحديث عن ضرورة لزوم الجماعة والبعد عن الفرقة، بعد ذلك وضَّح نتيجة إهمال هذا الأمر وعدم التمسك به، فذكر حال الأمم السابقة من الافتراق في دينهم د، وانقسامهم إلى فرق شتى، ثم أشار إلى إخبار الرسول صلى الله عليه وسلَّم أنَّ هذه الأمة ستفترق إلى بضع وسبعين فرقة، بعد ذلك أبرز الأسباب التي يراها سببا لافتراق الأمة، فحذَّر من السؤال عما لا يعني، والبحث عما لا يضر جهله، وحذَّر من قوم يتعمقون في المسائل د، ويتعمَّدون إدخال الشكوك على المسلمين ، وحذَّر من صحبة قوم يمرضون القلوب ويفسدون الإيمان. ومن الأسباب التي يراها ابن بطة مولدة للفرقة بين المسلمين كثرة المراء والجدل ، فحذَّر من ذلك ، ونبَّه إلى خطورة الاستماع إلى حديث أهل الجدل والكلام. ثم ذكر تحذير النبي لأمته من قوم يتجادلون بمتشابه القرآن، وما يجب على الناس من الحذر منهم ، والبعد عن المراء والجدال في القرآن. ثم إن المؤلف قسَّم الكتاب إلى أربعة أقسام رئيسية؛ أما القسم الأول فجعله في مسألة الإيمان وبيان قول أهل السنة فيه، والرد على الفرق المخالفة لأهل السنة كالمرجئة وغيرهم. وأما القسم الثاني فهو في بيان معتقد أهل السنة في القدر والرد على القدرية الذين نفوا القدر. وأما القسم الثالث فجعله في الرد على الجهمية وعقائدهم. والقسم الرابع في فضائل الصحابة. كما قسم المؤلف كل قسم إلى أبواب، ووضع لكل باب عنوانا يحمل إشارة مختصرة إلى مضمون ما سيذكره من أحاديث وآثار مسندة. يبقى ذكر أن هذا الموجود من الكتاب لعله قدر نصفه فقط، والباقي مفقود.