الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع
جلال الدين السيوطي
الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع
نبذة عن الكتاب

الكوكب الساطع هو نظم للإمام الحافظ المؤرخ الأديب العلامة جلال الدين السيوطي، نظم فيه متن "جمع الجوامع في أصول الفقه" وقد وقع في 1450 بيتا. والباعث على ذلك أنه لم يجد من سبقه إلى نظمه بالرغم من نظم بعضهم لمختصر ابن الحاجب ومنهاج البيضاوي، و"جمع الجوامع" أولى بذلك إذ لم يؤلف قبله ولا بعده مثله - وفقل للسيوطي نفسه في شرح نظمه - لما انطوى عليه من العلم الكثير واللفظ الوجيز والتحقيقات البديعة والنكت المنيعة بحيث إن مؤلفه جمعه من مائة مؤلف فأوعى، وبالغ في إيجازه بحيث لا يمكن اختصاره.وقد عد السيوطي أرجوزته إن شاء الله تعالى تساويه أو تدانيه في الحسن لاشتمالها على جميع ما حواه وزيادتها عليه بتغيير ما كان من عبارته معترضا، وإلحاق ما أهمله من مسألة، أو حكاية خلاف. هذا مع وجازة لفظها وعذوبة نظمها وخلوها من الحشو والتعقيد وسلامتها من علاقة التقديم والتأخير، فلا غرو أن يسمى نظمه بالكوكب الساطع نظم جمع الجوامع. والكتاب مطبوع مع حاشية الإتيوبي.وجمع الجوامع هو متن للإمام الفقيه الأصولي قاضي القضاة أبي نصر عبد الوهاب بن الشيخ الإمام أبي الحسن السبكي، والملقب بتاج الدين السبكي، وهو من أبرز العلماء الذين اهتموا بأصول الفقه في القرن الثامن الهجري حيث كانت له عناية فائقة بتدوين أصول الفقه بشكل لافت للنظر لدى الدارسين لعلم الأصول. وجمع الجوامع هو المصنف الرابع للتاج السبكي في علم الأصول من مجموع ثمانية كتب، وقد وضعه التاج السبكي في مرحلة متقدمة من عمره، وذلك بعد اكتمال شخصيته الأصولية التي برزت ونبغت في شرحه لاثنين من أهم المتون في أصول المتكلمين، وهما "منهاج الوصول" للبيضاوي، و"مختصر المنتهى" لابن الحاجب.و"جمع الجوامع" عبارة عن متن مختصر في أصول الفقه والدين؛ أراد التاج السبكي أن يجمع فيه خلاصة ما توصلت إليه قريحته من آراء ومسائل أصولية. وقد وسمه بهذا الاسم لأنه جمع فيه زبدة مسائل علمي أصول الفقه والدين، إضافة إلى خاتمة هامة في السلوك والتصوف؛ فجاء شاملا وجامعا لعلوم ثلاثة في مختصر واحد، صغير الحجم غزير العلم. إضافة إلى أنه قد جمع هذا المصنف من كل مصنف وكل متن جامع؛ فكان بحق "جمع الجوامع".وينحصر المتن في مقدمات وسبعة كتب. فالمقدمات ذكر فيها تعريفات ومسائل هامة، والكتب هي: في الكتاب، في السنة، في الإجماع، في القياس، في الاستدلال، في التعادل والتراجيح، في الاجتهاد. وقد ختم التاج السبكي مختصره "جمع الجوامع" بخاتمة ذَكَر فيها معتقده مبينا فيها عقيدة الأشاعرة.وقد وصف التاج السبكي صنيعه في هذا "المختصر" قائلا أنه: (الآتي من فنَّي الأصول بالقواعد القواطع، البالغ من الإحاطة بالأصلين مبلغ ذوي الجد والتشمير، الوارد من زُهاء مائة مصنف منهلا يروي ويَمِير؛ المحيط بُزبدة ما في شرحيَّ على "المختصر" و"المنهاج"، مع مزيد كثير). وكان التاج السبكي كثيرا ما يُشِيد بهذا المختصر، ويُحَبِّب الناس إلى قراءته ودراسته، ويُبيّن كثيرا من مزاياه وفوائده التي انفرد بها.وطريقة التاج السبكي في هذا المتن هي طريقة المتكلمين، وكثير من عباراته هي إما ذاتها عبارات البيضاوي وابن الحاجب، وإما أنه قد غير فيها لفظة أو زاد عليها قيدا أو أنقص مثل ذلك.وتكمن أهمية "جمع الجوامع" في أنه المتن الذي استقرت فيه أهم الآراء الأصولية حتى عصر التاج السبكي، وقد تدارك فيه التاج السبكي ما في متني "المنهاج" و"المختصر" من نقص وخلل، وذلك لأنه تولى شرحهما قبل هذا المتن؛ وأنه الكتاب الذي استقرت فيه آراء التاج السبكي الأصولية المحررة؛ وأنه قد دون فيه آراء والده - الشيخ تقي الدين - الأصولية والتي قد لا تجدها عند أحد سواه؛ وأنه قد جمع فيه إضافة إلى علم الأصول أهم مسائل الاعتقاد والتصوف، في بادرة فريدة؛ وأنه المتن الذي اعتمد عليه أكثر العلماء المتأخرين منذ ظهوره وحتى العصر الحاضر، لذا كثرت عليه الشروح والحواشي والتعليقات، كما أنه كان مقررا لطلاب الدراسات الشرعية في الأزهر حتى وقت ليس بالبعيد.ويتميز متن "جمع الجوامع" بأمور: منها اختصار المسائل واختزال الأقوال، فهو في هذا المختصر لم يسهب ولم يطل العبارات بل كان يختزل كثيرا من المسائل والأقوال في مسألة واحدة بليغة العبارة دالة على المقصود بأقل الكلمات؛ ومنها دقة العبارة وحسن السبك، كما في تعريفه للصحابي أنه (من اجتمع مؤمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإن لم يرو ولم يطل)؛ ومنها خلوه من الخلاف الجدلي والمنطقي الذي اتبعه الكثير من الأصوليين وبخاصة ابن الحاجب والبيضاوي؛ ومنها أنه مشتمل على آراء تميز وتفرد بها بحيث لا تجدها عند أحد غيره من السابقين له؛ ومنها الاهتمام ببيان الخلاف اللفظي.ومع ذلك فقد وجه إليه الكثير من النقد والاعتراض قديما وحديثا، حتى في عصر المؤلف نفسه، حيث وجهت إليه بعض الإيرادات مما دعاه إلى الإجابة عنها في مصنفه "منع الموانع عن جمع الجوامع"، حل فيه كثيرا من الإشكالات التي وجهت إليه، وأزال الغموض عن كثير من العبارات التي خفي معناها على البعض،فصار كالمكمل والتتمة له. والتاج السبكي لم يجزم بنفي الخطأ والوهم عن كتابه، بل يقول: (ولست أدعي أنه جمع سلامة، ولا أبريه كلما توجهت نحوه الملامة، ولا أتعصب له، فبئست الخصلة إذا قلت لكل من اعترضه في الملامة كلا. ولا أبيعه بشرط البراءة من كل عيب؛ بل أقول: يؤخذ من قوله ويترك، والله العليم بالغيب، وينظر فيه مع تجويز اعتراض الشك له والريب).ولأهمية المتن كثرت الشروح والحواشي عليه، فمن ذلك "تشنيف المسامع" للزركشي، و"البدر الطالع" للمحلي، وكذلك المنظومات مثل "الكوكب الساطع" للسيوطي.وقد اعتنى أحد الباحثين المعاصرين بمصنفات السبكي الأصولية في رسالته القيمة "منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه".