يعد كتاب "المحصول في أصول الفقه" أهم كتب الإمام فخر الدين الرازي الأصولية، وهو الأصولي المفسر الشافعي الأشعري، وعو من المصنفات المهمة في هذا العلم، لأن فيه حصيلة أهم كتب الأصول التى كتبت قبل الفخر بأفصح أساليب التعبير، وأجود طرائق الترتيب والتهذيب، مضافا إليها من آرائه وفوائد فكره وحسن إيراداته الكثير. ويرى الكاتبون في تاريخ علم "أصول الفقه" أن أهم ما كتب في علم أصول الفقه بعد ما كتبه الإمام الشافعي رضي الله عنه كتبا أربعة: "البرهان" لإمام الحرمين، و"المستصفى" للإمام الغزالي، و"العهد" للقاضي عبد الجبار وشرحه العمدة لأبي الحسين البصري، و"المعتمد" لابي الحسن البصري الذي هو مختصر شرحه للعهد. فهذه الكتب الاربعة احتوت مسائل ومباحث هذا العلم على طريقة المتكلمين وبذلك أصبحت قواعد هذا العلم وأركانه. وقد كان الإمام الرازي يحفظ عن ظهر قلب من هذه الكتب الأربعة كتابين هما: "المستصفى" و"المعتمد"، لذلك فقد اتجه رحمه الله إلى وضع كتاب شامل في علم الأصول يهذب فيه مسائله، ويمهد قواعده، ويتناول ما تناولته الكتب الأربعة من مباحثه؛ فكان "المحصول من أصول الفقه".وقد قسم المصنف موضوعات كتابه إلى أقسام يبوبها بقوله "الكلام على.."، فبدأ بالكلام على المقدمات وفيه عشرة فصول، ثم الكلام في اللغات وفيه تسعة أبواب، ثم الكلام في الأوامر والنواهي وفه مقدمة وثلاثة أقسام، ثم الكلام في العموم والخصوص وهو مرتب على أربعة أقسام، ثم الكلام في الأفعال، ثم الكلام في الناسخ والمنسوخ، ثم الكلام في الإجماع، ثم الكلام في الأخبار، ثم الكلام في القياس، ثم الكلام في الاجتهاد، ثم الكلام في المفتي والمستفتي.والكتاب ينتمي إلى طريقة الجمهور في الأصول، ويلحظ في الكتاب تأثر الرازي بشكل كبير بالغزالي، وتشربه لكتابه المستصفى، وكذلك اطلاعه على آراء النظام والأصفهاني والمعتزلة والأشاعرة وأهل الكلام واستعراضه لها رغم معارضته لكثير منها، مع ضعف تمكنه من أصول أهل السنة والحديث. ويظهر في كتابه المسائل التي خالف فيها أهل السنة.ويلاحظ أيضا الاضطراب أحيانا في بعض آرائه، وعدم وضوح في تحديد موقفه منها. وهو معروف بالاضطراب عموما إذا نظرنا إلى مجموع مصنفاته، وبأنه قد يورد الشبهات نقدا ويجيب عنها نسيئة.وقد كان المحصول - ونحوه من كتب الأصول - عديم التداول إلى أن حقق في زماننا، حيث قام بتحقيقه الدكتور طه جابر فياض العلواني وطبعته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، ثم أعادت طبعه مؤسسة الرسالة في بيروت في ستة مجلدات، وقد قدم له صاحبه بقسم دراسي استغرق مجلدا كاملا وفهارس تفصيلية شاملة استغرقت أكثر من نصف المجلد السادس. وتمتاز هذه الكتب المحقَّقة بانفراد المطبوع بكتاب واحد، ووضوح الخط وتبويب جيد، مع التقديم لهذه الكتب بدراسات وتحقيقات وافية، واختتامها بفهارس علمية شاملة، وكل ذلك جعل هذه المصنفات سهلة التناول أمام الباحثين وطلبة العلم.