العدة شرح العمدة
البهاء المقدسي
العدة شرح العمدة
نبذة عن الكتاب

كتاب "العدة شرح العمدة" للشيخ العالم المفتي المحدث الفقيه بهاء الدين أبو محمد المقدسي، وكان صالحا ورعا زاهدا غازيا مجاهدا جوادا سمحا ذا دين وخير قوالا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، ومتن العمدة من أشهر متون المذهب، وقد ذكر الموفق ابن قدامة غايته ومنهجه في متنه بقوله (فهذا كتاب في الفقه اختصرته حسب الإمكان، واقتصرت فيه على قول واحد ليكون عمدة لقارئه، فلا يلتبس الصواب عليه باختلاف الوجوه والروايات. سألني بعض إخواني تلخيصه ليقرب على المتعلمين، ويسهل حفظه على الطالبين، فأجبته إلى ذلك، معتمدا على الله سبحانه في إخلاص القصد لوجهه الكريم، والمعونة على الوصول إلى رضوانه العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وأودعته أحاديث صحيحة تبركا بها، واعتمادا عليها، وجعلتها من الصحاح لأستغني عن نسبتها إليها)، بينما أشار الشارح لغرضه من الكتاب بقوله: (فهذا شرح كتاب العمدة لشيخنا الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد المقدسي رحمه الله، رتبته مختصرا ليكون عدة لي في الحياة، وذخيرة بعد الوفاة، وإلى الله سبحانه الرغبة أن يجعله لوجهه خالصا وإليه مقربا، إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل). وقد جاء الكتاب مشتملا على الفروع الفقهية مقسمة إلى كتب وأبواب، مبتدئا بأبواب العبادات المشتملة على أركان الإسلام من الصلاة والزكاة والصوم والحج، ثم المعاملات المفتتحة بالبيوع ويليها أبواب المعاملات المختلفة كالإجارة والوقف، ثم تناول أحكام الوصايا والفرائض والعتق، ثم تناول أحكام الأسرة مبتدئا بالنكاح ثم بصور الفراق المختلفة، ثم تناول أحكام الأطعمة والأيمان والجنايات والديات والحدود والجهاد والقضاء، ومختتما بالشهادات. وقد قام الشارح بشرح المتن كله ملتزما بترتيبه، وإذا كان كتاب العمدة قد قسِّم إلى كتب وأبواب؛ فإن الشارح قد قسم الأبواب إلى مسائل، فيقول: مسألة، ثم يتبع ذلك بذكر مضمون المسألة مع التركيز على ذكر الأدلة وتوجيهها وتعليل الأحكام، وقد قام المحقق بترقيم هذه المسائل؛ إذ هي غير مرقمة في الأصل، وقد حصرها في (1842 مسألة)، كما أن صاحب العمدة قد حرص في متنه ألا يذكر إلا رواية واحدة، وهي القول المعتمد في المذهب، ومن ثم فإن الشارح لم يتوسع في ذكر الخلاف والوجوه داخل المذهب، ولكن اقتصر غالبا على سياق مذهب الأصحاب، متوافقا في ذلك مع مقصد المتن الذي ابتغاه الموفق ابن قدامة. ويتميز هذا الشرح بأنه لأحد أبرز تلامذة صاحب العمدة، يقول التركي عن الشارح: (وهو تلميذ صاحب العمدة، تفقه به، وأخذ عنه ولازمه؛ فكان أفهم لأغراضه ومراميه، مما يضفي على شرحه النفاسة ويجعل له المكانة المرموقة)، ومما يعضد ذلك أن الشارح قد عاصر شيخه فترة ليست باليسيرة، كما أنه يتفق معه في بعض شيوخه ببغداد كابن المَنّي وشهدة الحافظة، وأيضا هو كشيخه صاحب العمدة، ولد في نابلس ودفن في سفح قاسيون بصالحية دمشق، ومات بعد شيخه بأربع سنوات تقريبا، وشرح له كتاب "المقنع" أيضا، ولهذا يمكن القول بأن هذا الشرح من أقدم الشروح إن لم يكن أقدمها. وقد امتاز الشرح أيضا بوضوح العبارة وسلاسة الأسلوب، مع الاختصار في الشرح لئلا يخرج عن مقصد المتن الأساس. كما امتاز أيضا بشموله لجُل مسائل الفقه من العبادات والمعاملات وأحكام الأسرة والجنايات والحدود والجهاد والقضاء وغيرها، مما يجعله كتابا هاما في تأسيس تصور شامل لدارس الفقه الحنبلي. وتميز الشرح أيضا بغزارة الاستدلال من الكتاب والسنة والأثر والمعقول، مع البيان والتوجيه، مما يقوي الوشيجة لدى طالب العلم بين الدليل والحكم، ويؤسس لديه اللبنات الأولى لملكة الفقه. هذا، وإن لم يذكر الشارح المصادر التي اتكأ عليها في هذا الشرح، إلا أن المستقرئ للشرح يظهر له أن الشرح كأنه اختصار لكتاب "المغني" للموفق ابن قدامة، ولكن بما يتناسب مع مسائل متن العمدة والمقصد منه، ولعل هذا مما يعلي من مكانة الشرح. وقد بذل المحقق في هذا الكتاب جهدا طيبا في الضبط والتخريج وتوضيح الغريب وترجمة الأعلام، كما وضع فهارس تفصيلية له، وغير ذلك مما هو خدمة لهذا الشرح الجليل.