كتب المصنف فصول هذا الكتاب قبل ما يزيد على ربع قرن من تاريخ نشره نظرا لانشغاله عن طباعته. وقد دفعه لاختيار هذا الموضوع عدم تناوله بالبحث المنفرد إلا في كتاب "التبيان في أقسام القرآن" لابن القيم، هذا مع ما في القسم من قوة في الأسلوب وجمع بين الفن القولي وتفصيل الأحكام. وتأتي أهمية الموضوع من كون القسم أبلغ أنواع التوكيد إذ هو لا ينفرد وحده بل لابد أن يجُمع إليه واحد أو أكثر من المؤكدات. ومن أهميته كذلك أن الأصل في إتيانه في الكلام جحود المخاطَب لمضمون الخبر أو تردده فيه فوجب على المتكلم أن يتخذ وسيلة من التأكيد لمحتوى خطابه. ويتضح من استعراض الكتاب أن منهج الكاتب تحليلي استقرائي إذ هو قد جمع بين التأصيل النظري في النصف الأول من كتابه ثم أعقبه بالأمثلة التطبيقية من كتاب الله بعد تقسيمها على فصول الموضوع. ومن ثم جاءت خطة البحث في تمهيد عن القسم في كتاب البرهان للزركشي والتبيان لابن القيم. ثم خمسة أبواب، فكان الباب الأول عن القسم في اللغة من حيث الفرق بين القسم والحلف واليمين، وأقسام الجملة القسمية من فعل القسم وألفاظ القسم وأدوات القسم وخصائص كل منها، ثم الكلام عن جملة جواب القسم ومواطن حذفها أو حذف جزء منها. وانتقل المصنف بعد هذا التأصيل اللغوي إلى بابه الثاني عن القسم في القرآن وحصره في سبعة أنواع؛ هي: الأقسام الإلهية، وأقسام الرسول، وأقسام نبي الله إبراهيم، وأقسام بعض الصالحين، والأقسام التي سجلها القرآن على لسان الكافرين، وأقسام المنافقين، وأخيرا أقسام إبليس. أما الباب الثالث فجاء عن أحكام اليمين وآدابها كالإقدام على اليمين والبر والحنث في اليمين والتحلل من اليمين والكفارة المحللة من اليمين وزمن التكفير. ثم اختار الكاتب موضوعين خصهما بالذكر في البابين الأخيرين هما اليمين في الأسرة من حيث الإيلاء واللعان، ثم اليمين كوسيلة لإثبات الحقوق كالوصية عند الموت وفي السفر والقسم على الشهادة. وقد أحسن المصنف تقسيم الموضوع في الكتاب، وأحاط بأطرافه على نحو شامل، ولكن لعله اقتصد في التخريج الحديثي فلم يكن له نصيب اهتمام من بحثه.